إلى كل شئ يحتاج مثلي إليه فاعبدوا من انا وأنتم محتاجون إليه ومن خلقنا وهو يتصرف فينا وما نقدر على الامتناع عليه فلا يقبلون أيضا من هذه الإشارات العقلية وقد كان ينبغي العقل انه لمن قال لهم النبي (ص) اتركوا عبادتها بالكلية واستريحوا من العبادة واشتغلوا باللذات الدنيوية ان يقبلوا منه ويشهد عقولهم ان الحق فيما قاله والا نفروا عنه فيه بسعادة الدائمة الصافية التي لا نشهد العقول باستحالتها وترجى على أقل المراتب رجاء يحتمل أن يكون صاحبه ظافرا بالمطالب فلا ينفع معهم في الانتقال عما لا ينفع على اليقين بل هو جنون لا تبلغ إليه الدواب ولا غير المكلفين فإنها جميعها ما تقصد الا ترجوا نفعه أو دفعه فاحذر أيها العاقل هذه العثرة الهائلة التي كان منشؤها حب النشا والتقليد للآباء وطلب الرياسة حتى عمى العقل منهم البصر والقلب وصاروا في ظلمات ذاهلة وهلكات هائلة.
فصل فيما نذكره من الجزء الرابع من تفسير علي بن إبراهيم وهو الجزء الثاني من المجلد الثاني وجميع الكتاب أربعة اجزاء في مجلدين والذي ننقله من الوجهة الثانية من القائمة الثالثة من الكراس السابع والثلاثين من الكتاب بلفظه واما قوله [تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} فإنه حدثني جدي علي بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص ابن غياث قال فال أبو عبد الله يا حفص والله ما أنزلت الدنيا من نفسي الا منزلة الميتة إذا اضطررت إليها اكلت منها يا حفص ان الله تبارك وتعالى علم ما العباد عليه عاملون والى ما هم صائرون فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم وإنما يعجل من لا يعلم فلا يغررك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت ثم تلا قوله {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون في الأرض علوا ولا فسادا والعاقبة للمتقين} وجعل يبكى ويقول ذهبت الأماني عند هذه الآية، ثم قال فاز والله الفائزون الأبرار أتدري من هم هم الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار بالله جهلا