من آثار التدوين:
كان من الآثار المهمة للتدوين أن حفظت أقوال الفقهاء وآراؤهم ومناهجهم في الاستنباط، وتوارثها تلامذتهم وأتباعهم خلفا عن سلف، فكان أن ظهرت المذاهب الطويلة الأمد، بعد أن كان المذهب الفقهي يموت بموت مؤسسة.
من تأريخ المذاهب:
كانت كلمة الفقيه في القرن الأول الهجري تعني العالم بسائر الأحكام من أصولية وتعبدية وأخلاقية وعملية، وكان المفروض في الفقيه أن يكون حافظا لآيات من القرآن الكريم، يعرف ناسخها ومنسوخها ومتشابهها ومحكمها والمراد منها.
وكانت التسمية الشائعة للفقهاء هي كلمة القراء أي يقرؤون القرآن الكريم ويعرفون معانيه باعتبار تميزهم عن عامة الناس، ولما نما علم الفقه واستقل بنفسه أبدل هذا الاسم ب (الفقهاء).
وقد كتبت في هذا الدور الأحكام الشرعية وسميت تلك الكتب الصحائف:
منها ما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بكتابته بعد هجرته إلى المدينة مثل أحكام الزكاة وما تجب فيه ومقادير ذلك، وقد كتبت في صحيفتين.
ومنها ما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عمرو بن حزم لما ولاه اليمن حيث كتب له أحكام الفرائض والصدقات والديات وغير ذلك.
ومنها ما أعطاه لعبد الله بن حكيم من الكتاب الذي فيه أحكام الحيوانات الميتة.
ومنها ما دفعه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى وائل بن حجر عندما أراد الرجوع إلى بلاده (حضرموت) من الكتاب الذي فيه أحكام الصلاة والصوم والربا والخمر وغيرها.