جزاك الله من جسد خير الجزاء، لقد كنت في طاعته مسرعا " وعن معاصيه مبطئا "، فجزاك الله عني من جسد خير الجزاء، فعليك السلام إلى يوم القيامة، ويقول الجسد للروح مثل ذلك.
قال: فيصيح ملك الموت بالروح أيتها الروح الطيبة أخرجي من الدنيا مؤمنة مرحومة مغتبطة، قال: فرقت به الملائكة وفرجت عنه الشدائد، وسهلت له الموارد، وصار لحيوان الخلد.
قال: ثم يبعث الله له صفين من الملائكة غير القابضين لروحه، فيقومون سماطين (1) ما بين منزله إلى قبره، ويستغفرون له ويشفعون له، قال: فيعلله ملك الموت ويمنيه ويبشره عن الله بالكرامة والخير كما تخادع الصبي أمه تمرخه بالدهن والريحان (2) وبقاء النفس وتفديه بالنفس والوالدين.
قال: فإذا بلغت الحلقوم قال الحافظان اللذان معه: يا ملك الموت أرؤف بصاحبنا وارفق، فنعم الأخ كان ونعم الجليس، لم يمل علينا ما يسخط الله قط، فإذا خرجت روحه خرجت كنخلة بيضاء وضعت في مسكة بيضاء ومن كل ريحان في الجنة فأدرجت إدراجا " وعرج بها القابضون إلى السماء الدنيا، قال: فيفتح له أبواب السماء ويقول لها البوابون:
حياها الله من جسد كانت فيه، لقد كان يمر له علينا عمل صالح ونسمع حلاوة صوته بالقرآن قال: فبكى له أبواب السماء والبوابون لفقدها، ويقول: يا رب قد كان لعبدك هذا عمل صالح وكنا نسمع حلاوة صوته بالذكر للقرآن، ويقولون: اللهم ابعث لنا مكانه عبدا " يسمعنا ما كان يسمعنا ويصنع الله ما يشاء فيصعد به إلى عيش رحبت به ملائكة السماء كلهم أجمعون ويشفعون له ويستغفرون له ويقول الله تبارك وتعالى: رحمتي عليه من روح، ويتلقاه أرواح المؤمنين كما يتلقى الغائب غائبه، فيقول بعضهم لبعض: ذروا هذه الروح حتى تفيق (3) فقد خرجت من كرب عظيم وإذا هو استراح أقبلوا عليه يسائلونه ويقولون: