الطريق وحش، فقلت: يا ابن رسول الله ما أو حش هذا الجبل ما رأيت في الطريق جبلا " أوحش منه، فقال: يا ابن بكر تدري أي جبل هذا؟ قلت: لا، قال: هذا جبل يقال له:
الكمد وهو على واد من أودية جهنم، فيه قتلة أبي الحسين بن علي عليهما السلام استودعوه، يجري من تحته مياه جهنم من الغسلين والصديد والحميم الآن وما يخرج من جهنم، وما يخرج من الفلق، وما يخرج من آثام، وما يخرج من طينة خبال، وما يخرج من لظى، وما يخرج من الحطمة، وما يخرج من سقر، وما يخرج من الجحيم، وما يخرج من الهاوية، وما يخرج من السعير، وما مررت بهذا الجبل قط في مسيري فوقفت إلا رأيتهما يستغيثان بي ويتضرعان إلي وإني لأنظر إلى قتلة أبي فأقول لهما: إن هؤلاء إنما فعلوا بنا ما فعلوا لما أسستما لم ترحمونا لما وليتم وقتلتمونا وحرمتمونا ووثبتم على حقنا واستبددتم بالأمر دوننا فلا رحم الله من يرحمكما صنعتما وما الله بظلام للعبيد، وأشدهما تضرعا " واستكانة الثاني فربما وقفت عليهما ليتسلى عني بعض ما يعرض في قلبي، وربما طويت الجبل الذي هما فيه وهو جبل الكمد، قلت: جعلت فداك فإذا طويت الجبل فما تسمع؟ قال: أسمع أصواتهم ينادون عرج إلينا نكلمك فإنا نتوب وأسمع صارخا " من الجبل يقول: لا تكلمهم وقل لهم: اخسؤوا فيها ولا تكلمون، قلت: جعلت فداك ومن معهم؟ قال: كل فرعون عتا على الله وحكى الله عنه فعاله، وكل من علم العباد الكفر، قلت: من هم؟ قال: نحو قورس (2) الذي علم اليهود أن عزيرا " ابن الله، ونحو نسطور الذي علم النصارى أن المسيح ابن الله وقال لهم: هم ثلاثة، ونحو فرعون موسى الذي قال: أنا ربكم الأعلى، ونحو نمرود الذي قال: قهرت أهل الأرض وقتلت من في السماء، وقاتل أمير المؤمنين عليه السلام وقاتل فاطمة عليها السلام وقاتل المحسن وقاتل الحسن والحسين عليهم السلام فأما معاوية وعمرو بن العاص فما يطعمان في الخلاص ومعهم كل من نصب لنا العداوة وعاون علينا بلسانه ويده، قلت:
جعلت فداك: إلى أين هذا الجبل؟ قال: إلى الأرض السادسة وفيها جهنم وهو على واد من أوديتها عليها ملائكة حفظة أكثر من نجوم السماء وقطر المطر وعدد ماء البحار .