أن يكتب إلى أمير جند ولا إلى رعية.
ثم الرئاسة فجميع من قاتله ونابذه على الجهالة والعمى والضلالة، فقالوا: نطلب دم عثمان ولم يكن في أنفسهم ولا قدروا من قلوبهم أن يدعوا رئاسته معه، وقال هو:
أنا أدعوكم إلى الله وإلى رسوله بالعمل بما أقررتم لله ورسوله من فرض الطاعة، وإجابة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الإقرار بالكتاب والسنة.
ثم الحلم قالت له صفية بنت عبد الله بن خلف الخزاعي: أيم الله نساءك منك كما أيمت نساءنا وأيتم الله بنيك منك كما أيتمت أبناءنا من آبائهم، فوثب الناس عليها، فقال: كفوا عن المرأة فكفوا عنها، فقالت لأهلها: ويلكم الذين قالوا هذا سمعوا كلامه قط عجبا " من حلمه عنها (1).
ثم العلم، فكم من قول قد قاله عمر: " لولا علي لهلك عمر ".
ثم المشورة في كل أمر جرى بينهم حتى يجيبهم بالمخرج.
ثم القضاء لم يقدم إليه أحد قط فقال له: عد غدا " أو دفعه، إنما يفصل القضاء مكانه، ثم لو جاءه بعد لم يكن إلا ما بدر منه أولا ".
ثم الشجاعة كان منها على أمر لم يسبقه الأولون ولم يدركه الآخرون من النجدة والبأس ومباركة الأخماس علي أمر لم ير مثله، لم يول دبرا " قط، ولم يبرز إليه أحد قط إلا قتله ولم يكع عن أحد قط (2) دعاه إلى مبارزته ولم يضرب أحدا " قط في الطول إلا قده، ولم يضربه في العرض إلا قطعه بنصفين، وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وآله حمله على فرس، فقال: بأبي أنت وأمي ما لي وللخيل أنا لا أتبع أحدا " ولا أفر من أحد وإذا ارتديت سيفي لم أضعه إلا للذي أرتدي له.
ثم ترك الفرح وترك المرح، أتت البشرى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تترى بقتل من قتل يوم أحد من أصحاب الألوية فلم يفرح ولم يختل وقد اختال أبو دجانة ومشى بين الصفين مختالا " فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع.