وروى أن جبرئيل " عليه السلام " جاء إلى رسول الله " صلى الله عليه وآله " بدابة دون البغل وفوق الحمار رجلاها أطول من يديها خطوها مد البصر، فلما أراد أن يركب امتنعت فقال جبرئيل إنه محمد فتواضعت حتى لصقت بالأرض قال: فركب فلما هبطت ارتفعت يداها وقصرت رجلاها وقصرن يداها فمرت به في ظلمة الليل على عير محملة فنفرت العير من زفيف البراق ينادى رجل في آخر العير غلاما له في أول العير يا فلان ان الإبل قد نفرت وان فلانة قد ألقت حملها، وانكسرت يدها وكانت العير لأبي سفيان قال: ثم مضى حتى إذا كان ببطن البلقاء قال: يا جبرئيل قد عطشت فتناول جبرئيل قصعة فيها ماء فتناوله فشرب ثم مضيا فمر على قوم معلقين بعراقيبهم بكلاليب من نار فقال ما هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الذين أغناهم الله بالحلال فيبتغون الحرام. قال ثم مر على قوم يخاط جلودهم بمخائط من نار فقال: ما هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال هؤلاء الذين يأخذون عذرة النساء بغير حل. ثم مضى فمر على رجل يرفع حزمة من حطب كلما لم يستطع ان يرفعها زاد فيها فقال من هذا يا جبرئيل؟
فقال هذا صاحب الدين يريد أن يقضى فإذا لم يستطع زاد عليه ثم مضى حتى إذا كان في الجبل الشرقي من بيت المقدس وجد ريحا حارة وسمع صوتا قال: ما هذه الريح يا جبرئيل التي أجد وهذا الصوت الذي اسمع؟ قال هذه جهنم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من جهنم ثم وجد ريحا عن يمنه طيبة وسمع صوتا فقال ما هذه الريح التي أجدها وهذا الصوت الذي اسمع؟ فقال: هذه الجنة، فقال:
اسأل الله الجنة.
قال: ثم مضى حتى انتهى إلى باب مدينة بيت المقدس وفيها هرقل وكانت أبواب المدينة تغلق كل ليلة ويؤتى بالمفاتيح وتوضع عند رأسه فلما كانت تلك الليلة امتنعت الباب ان تغلق فأخبروه فقال: ضاعفوه عليها من الحرس، قال: فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل بيت المقدس فجاء جبرئيل " عليه السلام " إلى الصخرة، فرفعها فأخرج من تحتها ثلاثة أقداح، قدحا من لبن وقدحا من عسل، وقدحا من خمر فناول قدح اللبن، فشرب ثم ناول قدح العسل، فشرب ثم ناول قدح الخمر، فقال: قد رويت يا جبرئيل، فقال: اما انك لو شربته لضلت أمتك وتفرقت عنك.
قال: ثم مر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجد بيت المقدس بسبعين نبيا، قال: وهبط مع جبرئيل " عليه السلام " ملك لم يطأ الأرض قط، معه مفاتيح خزائن الأرض، فقال يا محمد