قالت: ظهر بي الامر الذي أخبرك به أبو محمد مولاي، فأقبلت اقرأ عليها كما أمرني فأجابني الجنين من بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ وسلم علي، قالت حكيمة: ففزعت لما سمعت فصاح بي أبو محمد عليه السلام لا تعجبين من أمر الله ان الله تعالى ينطقنا صغارا بالحكمة ويجعلنا حجة في ارضه كبارا فلم يستتم الكلام حتى غيبت عنى نرجس فلم أرها كأنه ضرب بيني وبينها حجاب فعدوت نحو أبى محمد " عليه السلام " وانا صارخة فقال لي: ارجعي يا عمة فإنك ستجدينها في مكانها قالت: فرجعت فلم البث إلى أن كشف الغطاء الذي كان بيني وبينها وإذا انا بها وعليها من أثر النور ما غشى بصرى فإذا انا بالصبي عليه السلام ساجدا لوجهه جاث على ركبتيه رافعا سبابته نحو السماء وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وان أبى أمير المؤمنين ثم عد إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه فقال: اللهم أنجز لي وعدي وأتمم لي امرى، وثبت وطأتي واملأ الأرض بي عدلا وقسطا فصاح بي أبو محمد " عليه السلام "، وقال: يا عمة تناوليه وهاتيه فتناولته وأتيت به نحوه فلما مثلت بين يدي أبيه وهو على يدي فسلم على أبيه فتناوله الحسن " عليه السلام " منى والطير يرفرف على رأسه ويناوله لسانه فيشرب منه ثم قال: امض به إلى أمه لترضعه ورديه إلى قالت فناولته أمه فأرضعته ورددته إلى أبي محمد والطير يرفرف على رأسه فصاح طير منها فقال له: أحمله واحفظه ورده الينا في كل أربعين يوما فتناوله الطير وطار به في جو السماء واتبعه سائر الطيور فسمعت أبا محمد يقول: أستودعك الذي أودعته أم موسى فبكت نرجس فقال: اسكتي فان الرضاع محرم عليه الا من ثديك وسيعاد إليك كما رد موسى إلى أم موسى وذلك قول الله عز وجل فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن قالت حكيمة: قلت فما هذا الطير؟ قال هذا روح القدس الموكل بالأئمة عليهم السلام يوفقهم ويسددهم ويربيهم العلم قالت حكيمة: فلما كان بعد أربعين يوما رد الغلام ووجهه إلى ابن أخي فدعاني فدخلت عليه فإذا انا بصبي متحرك يمشي بين يديه فقلت سيدي هذا ابن سنتين فتبسم عليه السلام ثم قال: إن أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا أئمة ينشؤون بخلاف ما ينشأ غيرهم وان الصبي منا إذا أتى عليه شهر كان كمن أتى عليه سنة وان الصبي منا ليتكلم في بطن أمه ويقرأ القرآن ويعبد الله تعالى عند الرضاع وتطيف به الملائكة وينزل عليه بالسلام صباحا ومساءا قالت حكيمة: فلم أزل أرى ذلك الصبي في كل أربعين يوما إلى أن رأيته رجلا قد مضى أبى محمد بأيام قلائل فلم اعرفه فقلت لابن أخي " عليه السلام " من
(٢٥٩)