لقد أنجبت أم ولدتك يا زيد وكان زيد بن علي عين اخوته بعد أبي جعفر عليهم السلام وأفضلهم وكان عابدا ورعا فقيها سخيا شجاعا وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطلب بثارات الحسين عليه السلام.
قال أبو الجارود: قدمت المدينة فجعلت كلما سألت عن زيد بن علي قيل لي أذلك حليف القرآن؟.
اعتقد كثير من الشيعة فيه الإمامة وكان سبب اعتقادهم ذلك فيه خروجه بالسيف يدعو إلى الرضا من آل محمد فظنوه يريد بذلك نفسه ولم يكن يريدها به لمعرفته باستحقاق أخيه الإمامة من قبله. ووصيته عند وفاته إلى أبي عبد الله " عليه السلام " وكان سبب خروج زيد ابن علي بعد الذي ذكرناه من غرضه في الطلب بدم الحسين " عليه السلام " انه دخل على هشام بن عبد الملك وقد جمع له هشام أهل الشام وأمر ان يتضايقوا في المجلس حتى لا يتمكن من الوصول إلى قربه، فقال له زيد انه ليس من عباد الله أحد فوق ان يوصى بتقوى الله ولا من عباده أحد دون ان يوصى بتقوى الله وانا أوصيك بتقوى الله يا أمير المؤمنين فاتقه فقال له هشام أنت المؤهل نفسك للخلافة الراجي لها؟ وما أنت وذاك لا أم لك وإنما أنت ابن أمة فقال له زيد انى لا أعلم أحدا أعظم عند الله منزلة من نبي بعثه الله وهو ابن أمة فلو كان ذلك نقص عن منتهى غاية لم يبعث وهو إسماعيل بن إبراهيم " عليه السلام " فالنبوة أعظم منزلة عند الله أم الخلافة يا هشام؟ وبعد فما نقص برجل أبوه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ابن علي بن أبي طالب فوثب هشام من مجلسه، ودعا قهرمانه وقال: لا يبيتن هذا في عسكري فخرج زيد وهو يقول: لن يكره قوم قط حر السيوف إلا ذلوا فلما وصل إلى الكوفة اجتمع إليه أهلها فلم يزالوا به حتى بايعوه على الحرب ثم نقضوا بيعته وأسلموه فقتل " عليه السلام " وصلب بينهم أربع سنين لا ينكر أحد منهم ولا يغير بيد ولا لسان ولما قتل بلغ ذلك من أبى عبد الله " عليه السلام " كل مبلغ وحزن حزنا عظيما حتى بان عليه وفرق من ماله في عيال من أصيب معه من أصحابه ألف دينار وأمرني ان اقسمها في عيال من أصيب مع زيد فأصاب عيال عبد الله بن الزبير أخي فضيل الرسان منها أربعة دنانير وكان مقتله ليلة الاثنين لليلتين خلتا من صفر سنة عشرين ومئة وكان سنه يوم قتل اثنين وأربعين سنة.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من لم يحب عترتي فهو لإحدى ثلاث اما منافق واما لزنية واما امرؤ حملت به أمه في غير طهر.