ومره بامتثال ما فيه، وسلم إليه كتابا آخر إلى السندي بن شاهك يأمره فيه بطاعة العباس بن محمد، فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيى لا يدرى أحد ما يريد ثم دخل على موسى " عليه السلام " فوجده على ما بلغ الرشيد، فمضى من فوره إلى العباس بن محمد والسندي ابن شاهك، وأوصل الكتابين إليهما فلم يلبث الناس ان خرج الرسول يركض إلى الفضل ابن يحيى فخرج مدهوشا حتى دخل على العباس بن محمد فدعا العباس بسياط وعقابين وأمر بالفضل فجرده، وضربه السندي بين يديه مئة سوط، وخرج متغير اللون خلاف ما دخل وجعل يسلم على الناس يمينا وشمالا وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد، فأمر بتسليم موسى إلى السندي بن شاهك، وجلس الرشيد مجلسا حافلا، وقال: أيها الناس ان الفضل بن يحيى قد عصاني، وخالف طاعتي فرأيت أن العنه فالعنوه فلعنه الناس من كل ناحية حتى ارتج البيت والدار بلعنه، وبلغ يحيى بن خالد الخبر، فركب إلى الرشيد فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس حتى جاءه من خلفه، وهو لا يشعر به ثم قال له: التفت إلي يا أمير المؤمنين فأصغى إليه فزعا، فقال إن الفضل حدث وانا أكفيك ما تريد فانطلق وجهه وسر فاقبل على الناس، وقال: ان الفضل كان قد عصى في شئ فلعنته، وقد تاب وأناب إلى طاعتي فتولوه، فقالوا: نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت وقد توليناه، ثم خرج يحيى بن خالد على البريد حتى وافى بغداد فماج الناس فأرجفوا بكل شئ، وأظهر انه ورد لتعديل السواد، والنظر في أمر العمال وتشاغل ببعض ذلك أياما، ثم دعا السندي فأمره بأمره فامتثله، وكان الذي تولى به السندي قتله " عليه السلام " بالسم جعله في طعام ثم قدمه إليه، ويقال انه جعله في رطب اكل منه فأحس بالسم ولبث ثلاثا بعده موعوكا، ثم مات في اليوم الثالث، ولما مات موسى " عليه السلام " ادخل السندي بن شاهك عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد، وفيهم الهيثم ابن عدي وغيره فنظروا إليه لا اثر به من جراح، ولا خنق وأشهدهم على أنه مات حتف أنفه فشهدوا على ذلك، واخرج ووضع على الجسر ببغداد ونودي هذا موسى بن جعفر قد مات حتف انفه فانظروا إليه فجعل الناس يتفرسون في وجهه وهو ميت، وقد كان قوم يزعمون في أيام موسى " عليه السلام " انه القائم المنتظر وجعلوا حبسه هي الغيبة المذكورة للقائم فأمر يحيى بن خالد أن ينادى عليه عند موته هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه لا يموت، فانظروا إليه فنظر الناس إليه ميتا ثم حمل فدفن في مقابر قريش من
(٢٢٠)