عبد شرب الماء فذكر الحسين " عليه السلام " ولعن قاتله إلا كتب الله له مئة الف حسنة ومحى عنه مئة الف سيئة، ورفع له مئة الف درجة، وكان كأنما أعتق مئة الف نسمة وحشره الله يوم القيامة أبلج الوجه.
(وروى) انه لما مات الحسن تحركت الشيعة بالعراق، وكتبت إلى الحسين في خلع معاوية والبيعة له فامتنع عليهم، وذكر ان بينه وبين معاوية عهدا لا يجوز له نقضه حتى تمضى المدة فإن مات معاوية نظر في ذلك، فلما مات معاوية وذلك للنصف من رجب سنة ستين من الهجرة، كتب يزيد إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وكان على المدينة من قبل معاوية ان يأخذ من الحسين " عليه السلام " بالبيعة، ولا يرخص له في التأخر عن ذلك فانفذ الوليد إلى الحسين " عليه السلام " في الليل فاستدعاه فعرف الحسين الذي أراد، فدعا جماعه من مواليه وأمرهم بحمل السلاح، وقال لهم: ان الوليد قد استدعاني في هذا الوقت ولست آمنا أن يكلفني أمرا لا أجيبه إليه وهو غير مأمون فكونوا معي فإذا دخلت إليه فأجلسوا على الباب فان سمعتم صوتي قد علا فأدخلوا عليه لتمنعوه منى فصار الحسين " عليه السلام " إلى الوليد فوجد عنده مروان بن الحكم فنعى إليه الوليد معاوية فاسترجع الحسين، ثم قرأ عليه كتاب يزيد وما أمر به في أخذ البيعة منه له، فقال له الحسين: انى لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرا حتى أبايعه جهرا فيعرف ذلك الناس، فقال له الوليد أجل فقال الحسين فنصبح ونرى رأينا في ذلك فقال له الوليد: انصرف على اسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس فقال له مروان: والله لئن فارقك الحسين الساعة ولم يبايع لا تقدر منه على مثلها أبدا حتى يكثر القتل بينكم وبينه أحبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه فوثب عند ذلك الحسين " عليه السلام " وقال: أنت يا بن الزرقاء تقتلني؟ أنت الذي كذبت وأثمت وخرج " عليه السلام " فمشى مع مواليه حتى أتى منزله فأقام " عليه السلام " في منزله تلك اللية وهي ليلة السبت لثلاث بقين رجب سنة ستين، واشتغل الوليد بن عتبة بمراسلة ابن الزبير في البيعة ليزيد وامتناعه عليهم، وخرج ابن الزبير من ليلته من المدينة متوجها إلى مكة فلما أصبح الوليد سرح في أثر ابن الزبير الرجال فبعث راكبا من موالي بنى أمية في ثمانين راكبا فطلبوه ولم يدركوه ورجعوا، فلما كان آخر النهار من يوم السبت بعث الرجال إلى الحسين " عليه السلام " ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية، فقال لهم الحسين: أصبحوا ثم ترون ونرى فكفوا الليلة ولم يلحوا عليه، فخرج " عليه السلام " من تحت ليلته، وهي ليلة