ففرحا وتهللت وجوهما، وسعيا إلى جدهما صلوات الله عليهم، فأخذ التفاحة والرمانة والسفرجلة فشمها، ثم ردها إلى كل واحد منهما كهيئتهما، ثم قال لهما: صيرا إلى أمكما بما معكما، وبدؤكما أبيكما أعجب إلي، فصارا كما أمرهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يأكل منها شئ حتى صار إليهما، فإذا التفاح وغيره على حاله، فقال: يا أبا الحسن ما لك لم تأكل ولم تطعم زوجتك وابنيك، وحدثه الحديث فأكل النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام، وأطعمنا أم سلمة فلم يزل الرمان والسفرجل والتفاح كل ما أكل منه عادا إلى ما كان حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال الحسين: فلم يلحقه التغيير والنقصان أيام فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما توفيت عليها السلام فقدنا الرمان، وبقي التفاح والسفرجل أيام أبى فلما استشهد أمير المؤمنين " عليه السلام " فقد السفرجل وبقي التفاح على هيئته عند الحسن حتى مات في سمه، ثم بقي التفاحة إلى الوقت الذي حوصرت عن الماء فكنت أشمها إذا عطشت فتكسر لهب عطشى، فلما اشتد علي العطش عضضتها وأيقنت بالفناء.
قال علي بن الحسين عليهما السلام: سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة، فلما قضى نحبه وجد ريحها من مصرعه فالتمست فلم ير لها أثر فبقي ريحها بعد الحسين " عليه السلام " ولقد زرت قبره فوجدت ريحها تفوح من قبره، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر فإنه يجده إذا كان مخلصا.
قال الباقر " عليه السلام " في قوله تعالى: (يوفون بالنذر ويخافون) قال مرض الحسن والحسين عليهما السلام وهما صبيان صغار فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه رجلان فقال أحدهما يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذرا إن الله عافاهما، فقال أصوم ثلاثة أيام شكرا لله تعالى وكذلك قالت فاطمة عليها السلام.
وقال الصبيان: ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام وكذلك قالت جاريتهم فضة فألبسهما الله العافية فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام، فانطلق علي " عليه السلام " إلى جار له من اليهود يقال له شمعون يعالج الصوف، فقال هل لك ان تعطني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصواع من شعير؟ قال: نعم فأعطاه فجاء بالصوف، والشعير وأخبر فاطمة عليها السلام فقبلت وأطاعت، ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف، ثم أخذ صاعا من الشعير فطحنته، وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصا، وصلى على مع النبي صلوات الله عليهما المغرب، ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم فأول