كأشد مطر لم يراه الناس قط وقد منع الله عز وجل المطر منهما في البقعة التي هما فيها نائمان لا تمطر عليهما قطرة، وقد اكتنفتهما حية لها شعرات كآجام القصب وجناحان جناح غطت به الحسن وجناح قد غطت به الحسين، فلما ان بصرهما النبي تنحنح فانسابت الحية وهي تقول: اللهم إني أشهدك، وأشهد ملائكتك ان هذين شبلا نبيك قد حفظتهما عليه ودفعتهما إليه سالمين صحيحين، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): أيتها الحية من أنت؟ قالت انا رسول الجن إليك قال: وأي الجن؟ قالت: جن نصيبين نفر من بنى فليح نسينا آية من كتاب الله عز وجل فبعثوني إليك لتعلمنا ما نسينا من كتاب الله عز وجل فلما بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادى: أيتها الحية هذان شبلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاحفظيهما من العاهات والآفات ومن طوارق الليل والنهار، فقد حفظتهما وسلمتهما إليك سالمين صحيحين واخذت الحية الآية وانصرفت، واخذ النبي الحسن فوضعه على عاتقه الأيمن ووضع الحسين على عاتقه الأيسر، وخرج علي فلحق برسول الله، فقال له بعض أصحابه: بأبي أنت وأمي ادفع إلى أحد شبليك أخفف عنك، فقال: امض فقد سمع الله كلامك وعرف مقامك وتلقاه آخر، فقال: بأبي أنت وأمي ادفع إلى أحد شبليك أخفف عنك: فقال: امض فقد سمع الله كلامك، وعرف مقامك فتلقاه علي " عليه السلام " فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله ادفع إلى أحد شبلي وشبليك حتى أخفف عنك فالتفت النبي إلى الحسن، فقال يا حسن هل تمضى إلى كتف أبيك فقال له: والله يا جداه ان كتفك لأحب إلى من كتف أبى، ثم التفت إلى الحسين، فقال: يا حسين هل تمضى إلى كتف أبيك؟ فقال: والله يا جداه انى أقول كما قال أخي: ان كتفك لأحب إلى من كتف أبى، فأقبل بهما إلى منزل فاطمة عليها السلام، وقد ادخرت لهما تمرات فوضعتهما بين أيديهما فأكلا وشبعا وفرحا.
قالت أم سلمة: كان النبي (صلى الله عليه وآله) عندي، وأتاه جبرئيل " عليه السلام " فكان في البيت يتحدثان إذ دق الباب الحسن بن علي فخرجت افتح له الباب، فإذا الحسين معه فدخلا، فلما أبصرا جدهما شبها جبرئيل بدحية الكلبي فجعلا يحفان به ويدوران حوله، فقال جبرئيل " عليه السلام " يا رسول الله أما ترى الصبيين ما يفعلان؟ فقال: يشبهانك بدحية الكلبي فإنه كثيرا ما يتعاهدهما ويتحفهما إذا جاءنا، فجعل جبرئيل يومى بيده كالمتناول شيئا فإذا بيده تفاحة وسفرجلة ورمانة فناول الحسن، ثم أومى بيده مثل ذلك فناول الحسين " عليه السلام "