وان موسى " عليه السلام " قد أعطاه الله اثنتي عشرة عينا (فأضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا) قد علم كل أناس مشربهم، ومحمد (صلى الله عليه وآله) لما نزل الحديبية وحاصره أهل مكة فجاء أصحابه وشكوا إليه الظمأ حتى التفت خواصر الخيل فذكروا له ذلك فدعا بركوة ماء فجعل يده المباركة فيها فتفجرت من بين أصابعه عيون الماء فصدرنا وصدرت الخيل وملأنا كل مزود وسقاء ولقد كنا معه بالحديبية. وإذا بقليب جافة فأخرج " عليه السلام " سهما من كنانته فناوله البراء بن عازب، وقال له اذهب بهذا السهم إلى تلك القليب الجافة فأغرسه ففعل ذلك فتفجرت اثنتا عشرة عينا من تحت السهم، ولقد كان يوم الميضاة عبرة وعلامة للمكذبين لنبوته كحجر موسى حين دعا بالميضاة فنضب يده فيها ففاضت بالماء وارتفع حتى توضأ منه ثمانية آلاف رجل، وشربوا كلهم وسقوا دوابهم وحملوا ما أرادوا.
وأن عيسى " عليه السلام " قد أحيى الموتى بإذن الله، ومحمد (صلى الله عليه وآله) سبحت في يده سبع حصيات تسمع همهمتها في جنوبها فلا روح فيها لتمام حجة نبوته، ولما نزل (صلى الله عليه وآله) بالطائف وحاصر أهلها بعثوا إليه شاة مسمومة فنطقت الذراع منها، وقالت يا رسول الله لا تأكلني فأنى مسمومة وان عيسى " عليه السلام " خلق من الطين كهيئة الطير فنفخ فيها وكان طيرا بإذن الله ومحمد (صلى الله عليه وآله) اخذ يوم خيبر حجرا فسمعنا للحجر تسبيحا وتقديسا ثم قال للحجر: انفلق وانفلق ثلاث فلق تسمع لكل فلقة منها تسبيحة لا يسمع للأخرى، ولقد بعث إلى شجرة يوم البطحاء فأجابته ولكل غصن تسبيح وتهليل وتقديس، ثم قال لها انشقي فانشقت نصفين ثم قال لها: التزقي فالتزقت ثم قال لها: اشهدي لي بالنبوة فشهدت ثم قال لها: ارجعي إلى مكانك بالتسبيح والتهليل والتقديس ففعلت وكان موضعها حيث الجزارون بمكة وهذا خبر طويل قد أوردنا بعضه.
ومن معجزاته (صلى الله عليه وآله) انشقاق القمر لما التمسوا منه، والقرآن قد نطق به.
قوله تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر وان يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر * وكذبوا واتبعوا أهوائهم وكل أمر مستقر ولقد جاءكم من الانباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغنى النذر) فالنبي أشار إلى القمر بأصبعه، فانشق القمر فعانده كفار قريش وقالوا سحر مستمر إلى قوله، فما تغنى النذر قد أخبر عنهم تعالى.
ومنها إنه (صلى الله عليه وآله) كان يخطب إلى بعض الأجذاع، فلما عمل المنبر، وتحول إليه