والجماع إلى مثلها من الغد، وأحل الله لنا السحر والوطئ في ليالي الصوم.
فقال: (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) - يعنى بياض النهار من سواد الليل.
وقال: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) - يعنى الجماع.
ومنها كانت الأمم السالفة تجعل قربانها على أعناقها إلى بيت المقدس فمن قبلت ذلك منه أرسلت إليه نارا فأكلته ومن لم يقبل منه رجع مثبورا، وقد جعل الله تعالى قربان أمة نبيه (صلى الله عليه وآله) في بطون فقرائها ومساكينها فمن قبل ذلك منه أضعف له اضعافا مضاعفة ومن لم يقبل منه رفعت عنه عقوبات الدنيا.
ومنها ان الله كتب عليهم في التوراة القصاص في القتل، والجراح ولم يرخص لهم في العفو واخذ الدية، ولم يفرق بين الخطأ والعمد في وجوب القصاص.
وقال: وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس، ثم خفف عنا في ذلك فخير بين القصاص والدية والعفو، وفرق بين الخطأ والعمد.
فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتل إلى قوله: فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف، وأداء إليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة).
ومن ذلك تخفيف الله عز وجل عنهم في امر التوبة، فقال لبنى إسرائيل: وإذ قال موسى لقومه يا قوم انكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم فكانت توبتهم ان يقتل بعضهم بعضا الأب ابنه والابن أباه، والأخ أخاه والأم ولدها ومن فر من القتل أو دفع عن نفسه أو القى السيف بيده أو رحم على ذي رحمة لم يقبل توبته ثم أمرهم الله تعالى بالكف عن القتل بعد أن قتلوا سبعين ألفا في مكان واحد فهذا توبتهم وجعل توبتنا الاستغفار باللسان، والندم بالجبان وترك العود بالأبدان.
فقال عز وجل: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم) الآية وقال أفلا يتوبون إلى الله؟.
وقال: (ألم قل للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله).
ومن الأمم السالفة من ينظر إلى امرأة بريبة فيؤمر بقلع العين ليقبل عنه التوبة وكفارتنا فيه غض البصر والتوبة بالقلب والعزم على ترك العود إليه.