والنظر إلى السماء وهو يقول: والله ما كذبت ولا كذبت، وانها الليلة التي وعدت بها ثم يعاود مضجعه، فلما طلع الفجر شد إزاره وهو يقول:
اشدد حيازيمك للموت فان الموت لاقيكا * ولا تجزع من الموت إذا حل بواديكا فلما خرج إلى صحن الدار استقبلته الإوز فصحن في وجهه فجعلوا يطردوهن، فقال دعوهن فإنهن صوايح تتبعها نوايح، ثم خرج فأصيب عليه السلام.
وروى أن أمير المؤمنين " عليه السلام " لما حضرته الوفاة، قال للحسن والحسين عليهما السلام إذا أنا مت فاحملاني على سرير، ثم أخرجاني واحملا مؤخر السرير فإنكما تكفيا مقدمه ثم أتيا بي الغريين فإنكما ستريان صخرة بيضاء فاحتفروا فيها فإنكما تجدان فيها شيئا فادفناني فيه قال: فلما مات أخرجنا، وجعلنا نحمل بمؤخر السرير ويكفى مقدمه وجعلنا نسمع دويا وحفيفا حتى أتينا الغريين فإذا صخرة بيضاء تلمع نورا فاحتفرنا فإذا ساجة مكتوب عليها: مما ادخرها نوح لعلي بن أبي طالب عليهما السلام فدفناه فيها وانصرفنا ونحن مسرورون باكرام الله لأمير المؤمنين " عليه السلام " فلحقنا قوم من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه فأخبرناهم بما جرى، وباكرام الله لأمير المؤمنين " عليه السلام " فقالوا نحب ان نعاين من أمره ما عاينتم فقلنا لهم: ان الموضع قد عفى اثره بوصية منه " عليه السلام " فمضوا إليه فقالوا: انهم احتفروا فلم يروا شيئا.
وقال الباقر " عليه السلام ": دفن أمير المؤمنين " عليه السلام " بناحية الغريين، ودفن قبل طلوع الفجر ودخل قبره الحسن والحسين ومحمد بنو علي عليهما السلام، وعبد الله بن جعفر (رض) وروى أنه لما ضربه ابن ملجم عليه لعاين الله، قال للحسن والحسين عليهما السلام أوصيكما بتقوى الله، وان لا تبغيا الدنيا ولا تأسفا على شئ منها زوى عنكما وقولا بالحق واعملوا للآخرة وكونا للظالم خصما، وللمظلوم عونا أوصيكما وجميع ولدى وأهلي ومن بلغه كتابي بتقوى الله ونظم أمركم وصلاح ذات بينكم فإني سمعت جدكما (صلى الله عليه وآله) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا تضيعوا بحضرتكم، الله الله في جيرانكم فإنه وصية نبيكم ما زال يوصى بهم حتى ظننت أنه سيورثهم، الله الله في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم، الله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم، الله الله في بيت ربكم لا تخلوه ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا، الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله، وعليكم بالتواصل والتباذل