الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل مصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من أوله إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلون في تلك الليلة في المسجد قريبا من السدة وخرج علي بن أبي طالب " عليه السلام " لصلاة الفجر، فاقبل ينادى: الصلاة الصلاة فما أدرى أنادى أم رأيت بريق السيف وسمعت قائلا يقول: لله الحكم يا علي لا لك ولا لأصحابك، وسمعت عليا يقول لا يفوتنكم الرجل فإذا علي " عليه السلام " مضروب وقد ضربه شبيب بن بحرة فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق وهرب القوم نحو أبواب المسجد وبادر الناس لاخذهم، فأما شبيب بن بحرة فأخذه رجل فصرعه وجلس على صدره واخذ السيف من يده ليقتله به فرأى الناس يقصدون نحوه فخشي ان يعجلوا عليه ولا يسمعوا منه فوثب عن صدره وخلاه وطرح السيف من يده ومضى شبيب هاربا حتى دخل منزله ودخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره فقال له: ما هذا لعلك قتلت أمير المؤمنين فأراد أن يقول لا فقال نعم فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه به حتى قتله، واما ابن ملجم فان رجلا من همدان لحقه وطرح عليه قطيفة كان في يده ثم صرعه واخذ السيف من يده وجاء به إلى إلى أمير المؤمنين " عليه السلام " وأفلت الثالث فانسل بين الناس، فلما دخل ابن ملجم علي أمير المؤمنين " عليه السلام " نظر إليه ثم قال: النفس بالنفس ان انا مت فاقتلوه كما قتلني وان سلمت رأيت فيه رأيي، فقال ابن ملجم لعنه الله والله لقد ابتعته بألف وسممته بألف فان خانني فايعده الله، قال: ونادته أم كلثوم يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين، قال: إنما قتلت إياك قالت: يا عدو الله انى لأرجو ا أن لا يكون عليه بأس، قال لها: فأراك إنما تبكين على علي إذا والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم فأخرج من بين يدي أمير المؤمنين " عليه السلام "، وان الناس ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم يقولون يا عدو الله ماذا فعلت أهلكت أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وقتلت خير الناس وانه لصامت ما ينطق فذهب به إلى الحبس، وجاء الناس إلى أمير المؤمنين " عليه السلام "، فقالوا له يا أمير المؤمنين أمرنا بأمرك في عدو الله فقد أهلك الأمة، وأفسد الملة فقال أمير المؤمنين " عليه السلام ": ان عشت رأيت فيه رأيي، وان هلكت فاصنعوا به ما يصنع بقاتل النبي (صلى الله عليه وآله) اقتلوه ثم احرقوه بالنار بعد ذلك، قال فلما قضى أمير المؤمنين " عليه السلام " نحبه وفرغ أهله من دفنه جلس الحسن " عليه السلام " وأمر أن يؤتى بابن ملجم لعنه الله فجيئ به، فلما وقف بين يديه قال له: يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين، وأعظمت الفساد في الدين ثم
(١٣٤)