بأن رسول الله صلى الله عليه وآله ما صام إلا تاما لا يفيد كون شهر الصيام ثلاثين يوما على كل حال، لأن الصوم غير الشهر وهو فعل الصائم، والشهر حركات الفلك وهي فعل الله تعالى، والوصف بالتمام إنما هو للصوم الذي هو فعل العبد دون الوصف للزمان الذي هو فعل الله تعالى، وقد بينا ذلك فيما مضى، والاحتجاج لذلك بقول الله تعالى (ولتكملوا العدة) غير موجب ما ظنه أصحاب العدد من أن شهر رمضان لا يكون تسعة وعشرين يوما لان إكمال عدة الشهر الناقص بالعمل في جميعه كاكمال عدة الشهر التام بالعمل في سائره لا يختلف في ذلك أحد من العقلاء، وفصل القول بأن شوالا تسعة وعشرين يوما غير مفيد لما قالوه، بل يحتمل الخبر بكونه كذلك أحيانا دون كونه كذلك بالوجوب على كل حال، والقول بأن ذا القعدة ثلاثون يوما لا ينقص ابدا، وجهه ما ذكرناه من أنه لا يكون ناقصا أبدا حتى لا يتم حينا، والاعتلال لذلك بقوله تعالى: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) يؤكد هذا التأويل لأنه أفاد حصوله في زمن من الأزمان جاء بذكره القرآن ثلاثون يوما فوجب بذلك أنه لا يكون ناقصا أبدا، بل قد يكون تاما وإن جاز عليه النقصان، والذي يدل على جواز النقصان على ذي القعدة في بعض الأوقات.
[219] 21 - ما رواه علي بن مهزيار عن الحسين بن يسار عن عبد الله بن جندب عن معاوية بن وهب قال قال: أبو عبد الله عليه السلام إن الشهر الذي يقال أنه لا ينقص ذو القعدة وليس في شهور السنة أكثر نقصانا منه.
وأما القول بأن السنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما من قبل ان السماوات والأرض خلقن في ستة أيام اختزلت من ثلاثمائة وستين يوما لا يفيد أن يكون شهرا منها بعينه ابدا ثلاثين يوما بل يقتضي بأن الستة الأيام تتفرق في الشهور كلها على غير تفصيل