قال أبو عبد الله عليه السلام لا والله ما نقص شهر رمضان ولا ينقص أبدا من ثلاثين يوما وثلاثين ليلة، فقلت لحذيفة لعله قال لك ثلاثين ليلة وثلاثين يوما كما يقول الناس الليل قبل النهار فقال لي حذيفة هكذا سمعت.
وهذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه أحدها أن متن هذا الخبر لا يوجد في شئ من الأصول المصنفة وإنما هو موجود في الشواذ من الاخبار، ومنها أن كتاب حذيفة بن منصور عري عن هذا الحديث، وهو كتاب معروف مشهور فلو كان هذا الخبر صحيحا عنه لضمنه كتابه، ومنها أن هذا الخبر مختلف الألفاظ مضطرب المعاني ألا ترى أن حذيفة تارة يرويه عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام وتارة يرويه عن أبي عبد الله عليه السلام بلا واسطة، وتارة يفتي به من قبل نفسه ولا يسنده إلى أحد، وهذا الضرب من الاختلاف مما يضعف الاعتراض به والتعلق بمثله، ومنها أنه لو سلم من جميع ما ذكرناه لكان خبرا واحدا لا يوجب علما ولا عملا وأخبار الآحاد لا يجوز الاعتراض بها على ظاهر القرآن والأخبار المتواترة التي ذكرناها، ولو سلم من ذلك أيضا كله لم يكن في مضمونه ما يوجب العمل به على العدد دون الأهلة وأنا أبين عن وجه ذلك إن شاء الله.
أما الحديث الذي رواه الحسن بن حذيفة عن أبيه عن معاذ بن كثير أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام إن الناس يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وآله صام تسعة وعشرين أكثر مما صام ثلاثين قال: كذبوا ما صام رسول الله صلى الله عليه وآله منذ بعثه الله إلى أن قبضه الله أقل من ثلاثين يوما، ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات والأرض من ثلاثين يوما، فإنه يفيد تكذيب الراوي من العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه صام شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر مما صامه ثلاثين، ولا يفيد أنه لا يصح صيامه تسعة وعشرين، ولا يتفق أن يكون زمانه