وهذا الخبر أيضا نظير ما تقدم في أنه لا يصح الاحتجاج به لمثل ما قدمناه من أنه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا، وأنه لا يعترض بمثله ظاهر القرآن والأخبار المتواترة ، وأيضا فإنه مختلف الألفاظ والمعاني والحديث واحد، ومع ذلك فإنه يتضمن من التعليل ما يكشف عن أنه لم يثبت عن امام هدى عليه السلام من ذلك أن قوله تعالى (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) لا يوجب استمرار أمثال ذلك الشهر على الكمال في ذي القعدة وليس اتفاق تمام ذي القعدة في أيام موسى عليه السلام موجبا تمامه في مستقبل الأوقات ولا دالا على أنه لم يزل كذلك فيما مضى، وإذا كان كذلك بطل إضافة التعليل لتمام ذي القعدة ابدا بما تضمنه القرآن من تمامه حينا إلى صادق عن الله عز وجل لا سيما وهو تعليل أيضا لتمام شهر رمضان وليس بينهما نسبة بالذكر في التمام، واختزال ستة أيام من السنة لا يمنع من اتفاق النقصان في الشهرين والثلاثة على التوالي، وتمام ثلاثة أشهر وأربعة متواليات، فكيف يصح التعليل بأمر لا يوجبه عقل ولا عادة ولا لسان؟ وكذلك التعليل لكون شهر رمضان ثلاثين يوما لان الفرائض لا تكون ناقصة لان نقصان الشهر عن ثلاثين يوما لا يوجب النقصان في فرض العمل به وقد ثبت أن الله تعالى لم يتعبدنا بفعل الأيام ولا يصح تكليفنا فعل الزمان وإنما تعبدنا بالعمل في الأيام والفعل بالزمان، ولا يكون إذا نقصان الزمان عن غيره بالإضافة نقصانا في العمل، ألا ترى أن من وجب عليه عمل في شهر معين فأداه في ذلك الشهر حسب ما حد له من ابتدائه في أوله وختمه إياه في آخره أنه يكون قد أكمل ما وجب عليه وإن كان الشهر ناقصا عن الكمال، وأجمع المسلمون على أن المعتدة بالشهور إذا طلقها زوجها في أول شهر من الشهور فقضت ثلاثة أشهر فيها واحد على الكمال ثلاثون يوما واثنان منها كل واحد منهما تسعة وعشرون يوما أنها تكون مؤدية لفرض الله تعالى عليها من العدة على الكمال والفرض دون
(٦٩)