فان قيل: فلم إذا حاضت المرأة لا تصوم ولا تصلى؟ قيل: لأنها في حد نجاسة فأحب أن لا تتعبد إلا طاهرة، ولأنه لاصوم لمن لا صلاة له.
فان قيل: فلم صارت تقضى الصيام ولا تقضى الصلاة؟ قيل: لعلل شتى فمنها ان الصيام لا يمنعها من خدمة نفسها وخدمة زوجها واصلاح بيتها والقيام بأمورها والاشتغال بمرمة معيشتها، والصلاة تمنعها من ذلك كله، لان الصلاة تكون في اليوم والليلة مرارا فلا تقوى على ذلك والصوم ليس كذلك.
ومنها: ان الصلاة فيها عناء وتعب واشتغال الأركان وليس في الصوم شئ من ذلك إنما هو ترك الطعام والشراب، وليس منه اشتغال الأركان.
ومنها: انه ليس من وقت يجئ إلا ويجب عليها فيه صلاة جديدة في يومها وليلتها، وليس الصوم كذلك، لأنه ليس كلما حدث عليها يوم وجب عليها الصوم وكلما حدث وقت الصلاة وجبت عليها الصلاة.
فان قيل: فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أولم يفق من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأول وسقط القضاء، وإذا أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء؟
قيل: لان ذلك الصوم إنما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر فاما الذي لم يفق فإنه لما مر عليه السنة كلها وقد غلب الله عليه، فلم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عنه، وكذلك كل ما غلب الله عليه مثل المغمى عليه الذي يغمى عليه في يوم وليلة فلا يجب عليه قضاء الصلوات كما قال الصادق " ع " كلما غلب الله على العبد فهو أعذر له لأنه دخل الشهر وهو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره ولا سنته للمرض الذي كان فيه ووجب عليه الفداء لآنه بمنزلة من وجب عليه الصوم فلم يستطيع أداؤه فوجب عليه الفداء، كما قال الله عز وجل (فصيام شهرين متتابعين فلم لم يستطع فاطعام ستين مسكينا) وكما قال: (ففدية من صيام أو صدقة) فأقام الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه.