فإن أبى حدثني، عن آبائه، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من قاس شيئا من الدين برأيه قرنه الله مع إبليس في النار، فإنه أول من قاس حين قال: خلقتني من نار وخلقته من طين، فدعوا الرأي والقياس، وما قال قوم ليس له في دين الله برهان فان دين الله لم يوضع بالآراء والمقاييس.
5 - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رحمهما الله، قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثنا أبو زهير بن شبيب بن أنس عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه غلام من كندة فاستفتاه في مسألة، فأفتاه فيها، فعرفت الغلام والمسألة فقدمت الكوفة، فدخلت على أبي حنيفة فإذا ذاك الغلام بعينه يستفتيه في تلك المسألة بعينها، فأفتاه فيها بخلاف ما أفتاه أبو عبد الله " ع " فقمت إليه فقلت ويلك يا أبا حنيفة انى كنت العام حاجا فأتيت أبا عبد الله " ع " مسلما عليه فوجدت هذا الغلام يستفتيه في هذه المسألة بعينها فأفتاه بخلاف ما أفتيته، فقال وما يعلم جعفر بن محمد أنا أعلم منه، أنا لقيت الرجال وسمعت من أفواههم، وجعفر ابن محمد صحفي أخذ العلم من الكتب! فقلت في نفسي والله لأحجن ولو حبوا. قال فكنت في طلب حجة، فجاءتني حجة فحججت، فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فحكيت له الكلام فضحك ثم قال: أما في قوله انى رجل صحفي فقد صدق قرأت صحف آبائي إبراهيم وموسى، فقلت ومن له بمثل تلك الصحف، قال فما لبثت ان طرق الباب طارق وكان عنده جماعة من أصحابه فقال الغلام انظر من ذا فرجع الغلام فقال أبو حنيفة، قال ادخله فدخل فسلم على أبى عبد الله " ع " فرد عليه ثم قال أصلحك الله أتأذن في القعود؟ فاقبل على أصحابه يحدثهم ولم يلتفت إليه ثم قال الثانية والثالثة فلم يلتفت إليه فجلس أبو حنيفة من غير إذنه، فلما علم أنه قد جلس التفت إليه فقال: أين أبو حنيفة؟ فقيل هو ذا أصلحك الله، فقال أنت فقيه أهل العراق؟ قال نعم، قال: بما تفتيهم؟ قال: بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله