ملوحتهما لذابتا، وجعل الشفتين عذبتين ليجد ابن آدم طعم الحلو والمر، وجعل الانف باردا سايلا لئلا يدع في الرأس داء إلا أخرجه ولولا ذلك لثقل الدماغ وتدود.
قال أحمد بن أبي عبد الله، وروى بعضهم: أنه قال في الاذنين لامتناعهما من العلاج، وقال في موضع ذكر الشفتين الريق فأعذب الريق ليميز به بين الطعام والشراب، وقال في ذكر الانف لولا برد ما في الانف وامساكه الدماغ لسال الدماغ من حرارته.
4 وقال أحمد بن أبي عبد الله، وروى معاذ بن عبد الله، عن بشير بن يحيى العامري، عن ابن أبي ليلى قال: دخلت أنا والنعمان على جعفر بن محمد فرحب بنا وقال: يا بن أبي ليلى من هذا الرجل؟ قلت جعلت فداك هذا رجل من أهل الكوفة له رأى ونظر ونقاد، قال فلعله الذي يقيس الأشياء برأيه، ثم قال له يا نعمان هل تحسن تقيس رأسك؟ قال لا، قال فما أراك تحسن تقيس شيئا ولا تهتدي إلا من عند غيرك فهل عرفت مما الملوحة في العينين، والمرارة في الاذنين، والبرودة في المنخرين، والعذوبة في الفم؟ قال لا، قال فهل عرفت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان؟ قال لا، قال ابن أبي ليلى، فقلت جعلت فداك لا تدعنا في عمى مما وصفت لنا، قال نعم حدثني أبي عن آبائه، ان رسول الله صلى صلى الله عليه وآله قال: إن الله تبارك وتعالى خلق عيني ابن آدم على شحمتين، فجعل فيها الملوحة ولولا ذلك لذابتا ولم يقع فيهما شئ من القذى إلا أذابهما، والملوحة تلفظ ما يقع في العينين من القذى وجعل المرارة في الاذنين حجابا للدماغ فليس من دابة تقع في الاذنين إلا التمست الخروج، ولولا ذلك لوصلت إلى الدماغ، وجعل البرودة في المنخرين حجابا للدماغ، ولولا ذلك لسال الدماغ، وجعل الله العذوبة في الفم منا من الله على ابن آدم ليجد لذة الطعام والشراب، وأما كلمة أولها كفر وآخرها إيمان فقول: لا إله إلا الله، أولها كفروا آخرها إيمان. ثم قال: يا نعمان إياك والقياس