قال: يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال نعم، قال: يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين انزل عليهم، ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا صلى الله عليه وآله ما ورثك الله من كتابه حرفا فإن كنت كما تقول ولست كما تقول فأخبرني عن قول الله عز وجل: (سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) أين ذلك من الأرض؟ قال حسبه ما بين مكة والمدينة، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى أصحابه فقال:
تعلمون ان الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يؤمنون على أنفسهم ويقتلون؟ قالوا نعم، قال فسكت أبو حنيفة، فقال يا أبا حنيفة إخبرني عن قول الله عز وجل: (ومن دخله كان آمنا) أين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة قال أفتعلم ان الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة فقتله كان آمنا فيها؟ قال: فسكت، ثم قال له يا أبا حنيفة، إذا ورد عليك شئ ليس في كتاب الله ولم تأت به الآثار والسنة كيف تصنع؟ فقال أصلحك الله: أقيس وأعمل فيه برأيي، قال يا أبا حنيفة: ان أول من قاس إبليس الملعون قاس على ربنا تبارك وتعالى فقال: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) فسكت أبو حنيفة، فقال يا أبا حنيفة أيما أنجس البول أو الجنابة؟ فقال البول، فقال:
فما بال الناس يغتسلون من الجناية ولا يغتسلون من البول؟ فسكت، فقال يا أبا حنيفة أيما أفضل الصلاة أم الصوم؟ قال الصلاة، قال: فما بال الحايض تقضى صومها ولا تقضى صلاتها؟ فسكت، فقال يا أبا حنيفة: أخبرني عن رجل كانت له أم ولد وله منها ابنة وكانت له حرة لا تلد فزارت الصبية بنت أم الولد أباها، فقام الرجل بعد فراغه من صلاة الفجر، فواقع أهله التي لا تلد وخرج إلى الحمام فأرادت الحرة أن تكيد أم الولد وابنتها عند الرجل فقامت إليها بحرارة ذلك الماء فوقعت عليها وهي نائمة، فعالجتها كما يعالج الرجل المرأة، فعقلت، أي شئ عندك فيها؟
قال: لا والله ما عندي فيها شئ، فقال يا أبا حنيفة: أخبرني عن رجل كانت له