المدرك: قال المحقق النائيني رحمه الله: أن الأصل في جميع الأقسام هو التعيين.
واليك نص البيان: إذا علم وجوب شئ في الجملة ودار الأمر بين تعيينيته وتخييريته كما هو محل الكلام فلا مناص فيه عن الرجوع إلى قاعدة الاشتغال والحكم بالتعيينية عملا، إذ الواجب التعييني غير محتاج في عالم الثبوت إلا إلى قيد عدمي بأن لا يكون له عدل في مرحلة الطلب، كما أنه في عالم الأثبات كذلك بل إثبات التعيينية في عالم الأثبات بعدم التقييد بمثل العطف بكلمة أو إنما هو لكشفه عن العدم في عالم الثبوت، فإذا كان أصل الوجوب معلوما وشك في تخييريته من جهة احتمال تقييده بوجود العدل له فلا محالة يحكم بالتعيينية بمقتضى ضم الوجدان إلى الأصل، لعدم ثبوت التقييد مع حكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف الثابت يقينا (1).
والتحقيق: أن الأصل في القسمين الأولين هو التعيين وفي القسم الثالث يرجع إلى البراءة عن التعيين كما قال سيدنا الأستاذ: فهاهنا دعويان:
الأولى: عدم جريان أصالة البراءة في القسمين الأولين.
الثانية: جريان البراءة في القسم الأخير.
أما الدعوى الأولى: فقد ذكرنا غير مرة أن الشك في حجية شئ في مقام الجعل والتشريع مساوق للقطع بعدم حجيته فعلا، ضرورة أنه مع هذا الشك لا يمكن ترتيب آثار الحجة عليه وهي إسناد مؤداه إلى الشارع والاستناد إليه في مقام الجعل، للقطع بعدم جواز ذلك لأنه تشريع محرم. (كحجية فتوى الأعلم لعدم الشك فيها فعلا إما تعيينا أو تخييرا بخلاف فتوى غير الأعلم) وكذا الحال في مقام الامتثال فإنه إذا دار الأمر بين امتثال شئ تعيينا أو تخييرا فلا مناص من التعيين والأخذ بالطرف المحتمل تعيينه، ضرورة أن الاتيان به يوجب القطع بالأمن من العقاب واليقين بالبراءة (2). وذلك لأن محتمل التعيين هو الوظيفة قطعا إما تعيينا أو