دلت على مدلول القاعدة (طهارة كل شئ شك في طهارته) دلالة كاملة تامة، واستدل عليها غير واحد من الفقهاء في هذه المسألة (الشئ المشكوك طهارته) كما قال سيدنا الأستاذ: ومن جملة أدلتها (الطهارة) قوله عليه السلام في موثقة عمار:
(كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر، فإذا علمت فقد قذر، وما لم تعلم فليس عليك) (1).
وهذا الحكم ثابت ما دام لم يكن هناك أصل موضوعي يقتضي نجاسة المشكوك فيه (2). والأمر كما أفاده. وقال السيد الحكيم رحمه الله: أن كل مشكوك طاهر بلا خلاف ظاهر لموثقة عمار (المتقدمة).
وفي خبر حفص بن غياث عن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن علي عليه السلام: (ما أبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم) (3). وفي موثقة عمار فيمن رأى في إنائه فارة وقد توضأ منه مرارا أو اغتسل أو غسل ثيابه، فقال عليه السلام: (إن كان رآها في الأناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه، ثم فعل ذلك بعد ما رآها في الأناء فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء ويعيد الوضوء والصلاة، وإن كان إنما رآها بعد ما فرغ من ذلك وفعله فلا يمس من الماء شيئا وليس عليه شئ، لأنه لا يعلم متى سقط فيه. ثم قال عليه السلام: لعله أن يكون إنما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها (4).
فإن المورد وإن كان مورد قاعدة الفراغ لكن التعليل يشهد بأن احتمال الطهارة كاف في البناء عليها، مع قطع النظر عن القاعدة، هذا ومقتضى إطلاق الأول عدم الفرق بين الشبهة الموضوعية والحكمية، وبين النجاسة الذاتية