قبل الزوال أنه من رمضان عزم على الصوم وان لم يتبين أفطر لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أصبحوا يوم الشك مفطرين متلومين أي غير آكلهن ولا عازمين على الصوم الا إذا كان صائما قبل ذلك فوصل يوم الشك به ومنها أن يستقبل الشهر بيوم أو يومين بأن تعمد ذلك فان وافق ذلك صوما كان يصومه قبل ذلك فلا بأس به لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تتقدموا الشهر بيوم ولا بيومين الا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم ولان استقبال الشهر بيوم أو بيومين يوهم الزيادة على الشهر ولا كذلك إذا وافق صوما كان يصومه قبل ذلك لأنه لم يستقبل الشهر وليس فيه وهم الزيادة وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان ومنها صوم الوصال لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا صام من صام الدهر وروى أنه نهى عن صوم الوصال فسر أبو يوسف ومحمد رحمهما الله الوصال بصوم يومين لا يفطر بينهما لان الفطر بينهما يحصل بوجود زمان الفطر وهو الليل قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم أكل أو لم يأكل وقيل في تفسير الوصال أن يصوم كل يوم من السنة دون ليلته ومعنى الكراهة فيه أن ذلك يضعفه عن أداء الفرائض والواجبات ويقعده عن الكسب الذي لا بد منه ولهذا روى أنه لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال وقيل له انك تواصل يا رسول الله قال إني لست كأحدكم انى أبيت عند ربى يطعمني ويسقيني أشار إلى المخصص وهو اختصاصه بفضل قوة النبوة وقال بعض الفقهاء من صام سائر الأيام وأفطر يوم الفطر والأضحى وأيام التشريق لا يدخل تحت نهى صوم الوصال ورد عليه أبو يوسف فقال ليس هذا عندي كما قال والله أعلم هذا قد صام الدهر كأنه أشار إلى أن النهى عن صوم الدهر ليس لمكان صوم هذه الأيام بل لما يضعفه عن الفرائض والواجبات ويقعده عن الكسب ويؤدى إلى التبتل المنهى عنه والله أعلم وأما صوم يوم عرفة ففي حق غير الحاج مستحب لكثرة الأحاديث الواردة بالندب إلى صومه ولان له فضيلة على غيره من الأيام وكذلك في حق الحاج إن كان لا يضعفه عن الوقوف والدعاء لما فيه من الجمع بين القربتين وإن كان يضعفه عن ذلك يكره لان فضيلة صوم هذا اليوم مما يمكن استدراكها في غير هذه السنة ويستدرك عادة فاما فضيلة الوقوف والدعاء فيه لا يستدرك في حق عامة الناس عادة الا في العمر مرة واحدة فكان احرازها أولى وكره بعضهم صوم يوم الجمعة بانفراده وكذا صوم يوم الاثنين والخميس وقال عامتهم انه مستحب لأن هذه الأيام من الأيام الفاضلة فكان تعظيمها بالصوم مستحبا ويكره صوم يوم السبت بانفراده لأنه تشبه باليهود وكذا صوم يوم النيروز والمهرجان لأنه تشبه بالمجوس وكذا صوم الصمت وهو أن يمسك عن الطعام والكلام جميعا لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولأنه تشبه بالمجوس وكره بعضهم صوم يوم عاشوراء وحده لمكان التشبه باليهود ولم يكرهه عامتهم لأنه من الأيام الفاضلة فيستحب استدراك فضيلتها بالصوم وأما صوم يوم وافطار يوم فهو مستحب وهو صوم سيدنا داود عليه الصلاة والسلام كان يصوم يوما ويفطر يوما ولأنه أشق على البدن إذا الطبع ألوف وقال صلى الله عليه وسلم خير الاعمال أحمزها أي أشقها على البدن وكذا صوم الأيام البيض لكثرة الأحاديث فيه منها ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صام ثلاثة أيام من كل شهر الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر فكأنما صام السنة كلها وأما صوم الدين فالأيام كلها محل له ويجوز في جميع الأيام الا ستة أيام يومى الفطر والأضحى وأيام التشريق ويوم الشك أما ما سوى صوم يوم الشك فلورود النهى عنه والنهى وإن كان عن غيره أو لغيره فلا شك أن ذلك الغير يوجد بوجود الصوم في هذه الأيام فأوجب ذلك نقصانا فيه والواجب في ذمته صوم كامل فلا يتأدى بالناقص وبهذا تبين ببطلان أحد قولي الشافعي في صوم المتعة أنه يجوز في هذه الأيام لان النهى عن الصوم في هذه الأيام عام يتناول الصيامات كلها فيوجب ذلك نقصانا فيه والواجب في ذمته كامل فلا ينوب الناقص عنه وأما يوم الشك فلانه يحتمل أن يكون من رمضان ويحتمل أن يكون من شعبان فإن كان من شعبان يكون قضاء وإن كان من رمضان لا يكون قضاء فلا يكون قضاء مع الشك وهل يصح النذر بصوم يومى
(٧٩)