شرائطه وفي بيان حكم المعجل إذا لم يقع زكاة أما الأول فهو على الاختلاف الذي ذكرنا وجه قول مالك ان أداء الزكاة أداء الواجب وأداء الواجب ولا وجوب لا يتحقق ولا وجوب قبل الحول لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ولنا ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من العباس زكاة سنتين وأدنى درجات فعل النبي صلى الله عليه وسلم الجواز واما قوله إن أداء الزكاة أداء الواجب ولا وجوب قبل حولان الحول فالجواب عنه من وجهين أحدهما ممنوع انه لا وجوب قبل حولان الحول بل الوجوب ثابت قبله لوجود سبب الوجوب وهو ملك نصاب كامل نام أو فاضل عن الحاجة الأصلية لحصول الغنا به ولوجوب شكر نعمة المال على ما بينا فيما تقدم ثم من المشايخ من قال بالوجوب توسعا وتأخير الأداء إلى مدة الحول ترفيها وتيسيرا على أرباب الأموال كالدين المؤجل فإذا عجل فلم يترفه فيسقط الواجب كما في الدين المؤجل فمنهم من قال بالوجوب لكن لا على سبيل التأكيد وإنما يتأكد الوجوب بآخر الحول ومنهم من قال بالوجوب في أول الحول لكن بطريق الاستناد وهو أن يجب أولا في آخر الحول ثم يستند الوجوب إلى أوله لاستناد سببه وهو كون النصاب حوليا فيكون التعجيل أداء بعد الوجوب لكن بالطريق الذي قلنا فيقع زكاة والثاني ان سلمنا انه لا وجوب قبل الحول لكن سبب الوجوب موجود وهو ملك النصاب ويجوز أداء العبادة قبل الوجوب بعد وجود سبب الوجوب كأداء الكفارة بعد الجرح قبل الموت وسواء عجل عن نصاب واحد أو اثنين أو أكثر من ذلك مما يستفيده في السنة عند أصحابنا الثلاثة وعند زفز لا يجوز الا عن النصاب الموجود حتى لو كان له مائتا درهم فعجل زكاة الألف وذلك خمسة وعشرون ثم استفاد مالا أو ربح في ذلك المال حتى صار ألف درهم فتم الحول وعنده ألفا درهم جاز عن الكل عندنا وعند زفر لا يجوز الا عن المائتين وجه قوله إن التعجيل عما سوى المائتين تعجيل قبل وجود السبب فلا يجوز كما لو عجل قبل ملك المائتين ولنا ان ملك النصاب موجود في أول الحول والمستفاد على ملك النصاب في الحول كالموجود من ابتداء الحول بدليل وجوب الزكاة فيه عند حولان الحول فلو لم يجعل كالموجود في أول الحول لما وجبت الزكاة فيه لقوله صلى الله عليه وسلم لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وإذا كان كذلك جعلت الألف كأنها كانت موجودة في ابتداء الحول ليصير مؤديا بعد وجود الألف تقديرا فجاز والله أعلم * (فصل) * وأما شرائط الجواز فثلاثة أحدها كمال النصاب في أول الحول والثاني كماله في آخر الحول والثالث ان لا ينقطع النصاب فيما بين ذلك حتى لو عجل وله في أول الحول أقل من النصاب ثم كمل في آخره فتم الحول والنصاب كامل لم يكن المعجل زكاة بل كان تطوعا وكذا لو عجل والنصاب كامل ثم هلك نصفة مثلا فتم الحول والنصاب غير كامل لم يجز التعجيل وإنما كان كذلك لان المعتبر كمال النصاب في طرفي الحول ولان سبب الوجوب هو النصاب فأحد الطرفين حال انعقاد السبب والطرف الآخر حال الوجوب أو حال تأكد الوجوب بالسبب وما بين ذلك ليس بحال الانعقاد ولا حال الوجوب إذ تأكد الوجوب بالسبب فلا معنى لاشتراط النصاب عنده ولان في اعتبار كمال النصاب فيما بين ذلك حرجا لان التجار يحتاجون إلى النظر في ذلك كل يوم وكل ساعة وفيه من الحرج مالا يخفى ولا حرج في مراعاة الكمال في أول الحول وآخره وكذلك جرت عادة التجار بتعرف رؤس أموالهم في أول الحول وآخره ولا يلتفتون إلى ذلك في أثناء الحول الا أنه لا بد من بقاء شئ من النصاب وان قل في أثناء الحول ليضم المستفاد إليه ولأنه إذا هلك النصاب الأول كله فقد انقطع حكم الحول فلا يمكن ابقاء المعجل زكاة فيقع تطوعا ولو كان له نصاب في أول الحول فعجل زكاته وانتقص النصاب ولم يستفد شيئا حتى حال الحول والنصاب ناقص لم يجز التعجيل ويقع المؤدى تطوعا ولا يعتبر المعجل في تمام النصاب عندنا وعند الشافعي يكمل النصاب بما عجل ويقع زكاة وصورته إذا عجل خمسة عن مائتين ولم يستفد شيئا حتى حال الحول وعنده مائة وخمسة وتسعون أو عجل شاة من أربعين فحال عليها الحول وعنده تسعة وثلاثون لم يجز التعجيل عندنا وعنده جائز وجه قوله إن المعجل وقع زكاة عن كل النصاب فيعتبر في اتمام النصاب ولنا أن المؤدى مال أزال ملكه عنه بنية الزكاة فلا يكمل به النصاب كما لو
(٥١)