المعين فيهما جميعا ووجه الفرق بينهما في الموصوف أن المكيل والموزون إذا كان موصوفا في الذمة فالزوج مجبور على دفعه ولا يجوز دفع غيره من غير رضاها فكان مستقرا مهرا بنفسه في ذمته فتعتبر قيمته يوم الاستقرار وهو يوم العقد فاما الثوب وان وصف فلم يتقرر مهرا في الذمة بنفسه بل الزوج مخير في تسليمه وتسليم قيمته في احدى الروايتين على ما نذكر إن شاء الله تعالى وإنما يتقرر مهرا بالتسليم فتعتبر قيمته يوم التسليم (وجه) ظاهر الرواية ان ما جعل مهرا لم يتغير في نفسه وإنما التغير في رغبات الناس بحدوث فتور فيها ولهذا لو غصب شيئا قيمته عشرة فيعتبر سعره وصار يساوى خمسة فرده على المالك لا يضمن شيئا ولأنه لما سمى ما هو أدنى مالية من العشرة كان ذلك تسمية للعشرة لان ذكر البعض فيما لا يتجزأ ذكر لكله فصار كأنه سمى ذلك درهمين ثم ازدادت قيمته والله عز وجل أعلم * (فصل) * وأما بيان ما يصح تسميته مهرا وما لا يصح وبيانه حكم صحة التسمية وفسادها فنقول لصحة التسمية شرائط منها أن يكون المسمى مالا متقوما وهذا عندنا وعند الشافعي هذا ليس بشرط ويصح التسمية سواء كان المسمى مالا أو لم يكن بعد أن يكون مما يجوز أخذ العوض عنه واحتج بما روى أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله انى وهبت نفسي لك فقال عليه الصلاة والسلام ما بي في النساء من حاجة فقام رجل وقال زوجنيها يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عندك فقال ما عندي شئ أعطيها فقال أعطها ولو خاتما من حديد فقال ما عندي فقال هل معك شئ من القرآن قال نعم سورة كذا فقال زوجتكها بما معك من القرآن ومعلوم أن المسمى وهو السورة من القرآن لا يوصف بالمالية فدل أن كون التسمية مالا ليس بشرط لصحة التسمية ولنا قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم ان تبتغوا بأموالكم شرط أن يكون المهر مالا فمالا يكون مالا لا يكون مهرا فلا تصح تسميته وقوله تعالى فنصف ما فرضتم أمر بتنصيف المفروض في الطلاق قبل الدخول فيقتضى كون المفروض محتملا للتنصيف وهو المال وأما الحديث فهو في حد الآحاد ولا يترك نص الكتاب بخبر الواحد مع ما ان ظاهره متروك لان السورة من القرآن لا تكون مهرا بالاجماع وليس فيه ذكر تعليم القرآن ولا ما يدل عليه ثم تأويلها زوجتكها بسبب ما معك من القرآن وبحرمته وبركته لا انه كان ذلك النكاح بغير تسمية مال وعلى هذا الأصل مسائل إذا تزوج على تعليم القرآن أو على تعليم الحلال والحرام من الأحكام أو على الحج والعمرة ونحوها من الطاعات لا تصح التسمية عندنا لان المسمى ليس بمال فلا يصبر شئ من ذلك مهرا ثم الأصل في التسمية انها إذا صحت وتقررت يجب المسمى ثم ينظر إن كان المسمى عشرة فصاعدا فليس لها الا ذلك وإن كان دون العشرة تكمل العشرة عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر والمسألة قد مرت وإذا فسدت التسمية أو تزلزلت يجب مهر المثل لان العوض الأصلي في هذا الباب هو مهر المثل لأنه قيمة البضع وإنما يعدل عنه إلى المسمى إذا صحت التسمية وكانت التسمية تقديرا لتلك القيمة فإذا لم تصح التسمية أو تزلزلت لم يصح التقدير فإذا لم يصح التقدير فوجب المصير إلى الفرض الأصلي ولهذا كان المبيع بيعا فاسدا مضمونا بالقيمة في ذوات القيم لا بالثمن كذا هذا والنكاح جائز لان جوازه لا يقف على التسمية أصلا فإنه جائز عند عدم التسمية رأسا فعدم التسمية إذا لم يمنع جواز النكاح ففسادها أولى أن لا يمنع ولان التسمية إذا فسدت التحقت بالعدم فصار كأنه تزوجها ولم يسم شيئا وهناك النكاح صحيح كذا هذا ولان تسمية ما ليس بمال بشرط فاسد والنكاح لا تبطله الشروط الفاسدة بخلاف البيع والفرق أن الفساد في باب البيع لمكان الربا والربا لا يتحقق في النكاح فيبطل الشرط ويبقى النكاح صحيحا وعنده تصح التسمية ويصير المذكور مهرا لأنه يجوز أخذ العوض عنه بالاستئجار عليه عنده فتصح تسميته مهرا وكذلك إذا تزوج امرأة على طلاق امرأة أخرى أو على العفو عن القصاص عندنا لان الطلاق ليس بمال
(٢٧٧)