تثبت بالدخول بالاجماع والعقد على البنت سبب الدخول بها والسبب يقوم مقام المسبب في موضع الاحتياط ولهذا تثبت الحرمة بنفس العقد في منكوحة الأب وحليلة الابن كان ينبغي ان تحرم الربيبة بنفس العقد على الام الا أن شرط الدخول هناك عرفناه بالنص فبقي الحكم في الآية على أصل القياس (وأما) قولهم إن الشرط المذكور في آخر كلمات معطوف بعضها على بعض والاستثناء بمشيئة الله تعالى ملحق بالكل فنقول هذا الأصل مسلم في الاستثناء بمشيئة الله تعالى والشرط المصرح به فاما في الصفة الداخلة على المذكور في آخر الكلام فممنوع بل يقتصر على ما يليه فإنك تقول جاءني زيد ومحمد العالم فتقتصر صفة العلم على الذي يليه دون زيد وقوله عز وجل اللاتي دخلتم بهن وصف إياهن بالدخول بهن لا شرط من ادعى الحاق الوصف بالشرط فعليه الدليل على أنه يحتمل أن يكون بمعنى الشرط فيلحق الكل ويحتمل أن لا يكون فيقتصر على ما يليه فلا يلحق بالشك والاحتمال وإذا وقع الشك والشبهة فيه فالقول لما فيه الحرمة أولى احتياطا على أن هذه الصفة إن كانت في معنى الشرط لكن اللفظ متى قرن به شرط أو صفة لاثبات حكم يقتضى وجوده عند وجوده اما لا يقتضى عدمه عند عدمه بل عدمه ووجوده عند عدم الشرط والصفة يكون موقوفا على قيام الدليل وفى نفس هذه الآية الكريمة ما يدل عليه فإنه قال عز وجل وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ولو كان التقييد بالوصف نافيا الحكم في غير الموصوف لكان ذلك القدر كافيا ونحن نقول بحرمة الام عند الدخول بالربيبة وبحرمة الربيبة عند الدخول بالأم بظاهر الآية الكريمة وليس فيها نفى الحرمة عند عدم الدخول ولا اثباتها فيقف على قيام الدليل وقد قام الدليل على حرمة الام بدون الدخول ببنتها وهو ما ذكرنا فتثبت الحرمة ولم يقم الدليل على حرمة الربيبة قبل الدخول بالأم فلا تثبت الحرمة والله عز وجل أعلم وأما جدات الزوجة من قبل أبيها وأمها فإنها عرفت حرمتهن بالاجماع ولما ذكرنا من المعنى في الأمهات لا بعين النص الا على قول من يجيز اشتمال اللفظ الواحد على الحقيقة والمجاز عند عدم التنافي بين حكميهما على ما ذكرنا ثم إنما تحرم الزوجة وجداتها بنفس العقد إذا كان صحيحا فاما إذا كان فاسدا فلا تثبت الحرمة بالعقد بل بالوطئ أو ما يقوم مقامه من المس عن شهوة والنظر إلى الفرج عن شهوة على ما نذكر لان الله تعالى حرم على الزوج أم زوجته مضافا إليه والإضافة لا تنعقد الا بالعقد الصحيح فلا تثبت الحرمة الا به والله الموفق * (فصل) * وأما الفرقة الثانية فبنت الزوجة وبناتها وبنات بناتها وبنيها وان سفلن اما بنت زوجته فتحرم عليه بنص الكتاب العزيز إذا كان دخل بزوجته فإن لم يكن دخل بها فلا تحرم لقوله وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وسواء كانت بنت زوجته في حجره أو لا عند عامة العلماء وقال بعض الناس لا تحرم عليه الا أن تكون في حجره ويروى ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نصا لظاهر الآية قوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم حرم الله عز وجل بنت الزوجة وبوصف كونها في حجر زوج فيتقيد التحريم بهذا الوصف ألا ترى أنه لما أضافها إلى الزوجة يقيد التحريم به حتى لا يحرم على ربيبته غير الزوجة كذا هذا ولنا أن التنصيص على حكم الموصوف لا يدل على أن الحكم في غير الموصوف بخلافه إذ التنصيص لا يدل على التخصيص فتثبت حرمة بنت زوجة الرجل التي دخل بأمها وهي في حجره بهذه الآية وإذا لم تكن في حجره تثبت حرمتها بدليل آخر وهو كون نكاحها مفضيا إلى قطيعة الرحم سواء كانت في حجره أو لم تكن على ما بينا فيما تقدم الا أن الله تعالى ذكر الحجر بناء على أن عرف الناس وعادتهم ان الربيبة تكون في حجر زوج أمها عادة فأخرج الكلام مخرج العادة كما في قوله عز وجل ولا تقتلوا أولادكم خشية املاق وقوله عز وجل فان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة ونحو ذلك وأما بنات بنات الربيبة
(٢٥٩)