له ان أسماء قد نفست وكانت ولدت محمد بن أبي بكر رضي الله عنه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مرها فلتغتسل ولتحرم بالحج وكذا روى أن عائشة رضي الله عنها حاضت فأمرها بالاغتسال والاهلال بالحج والامر بالاغتسال في الحديثين على وجه الاستحباب دون الايجاب لان الاغتسال عن الحيض والنفاس لا يجب حال قيام الحيض والنفاس وإنما كان الاغتسال أفضل لان النبي صلى الله عليه وسلم اختاره على الوضوء لاحرامه وكان يختار من الاعمال أفضلها وكذا أمر به عائشة وأسماء رضي الله عنهما ولان معنى النظافة فيه أتم وأوفر ويلبس ثوبين ازار أو رداء لأنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس ثوبين ازار أو رداء ولان المحرم ممنوع عن لبس المخيط ولابد من ستر العورة وما يتقى به الحر والبرد وهذه المعاني تحصل بإزار ورداء جديدين كانا أو غسيلين لان المقصود يحصل بكل واحد منهما الا ان الجديد أفضل لأنه أنظف وينبغي لولي من أحرم من الصبيان العقلاء ان يجرده ويلبسه ثوبين ازار أو رداء لان الصبي في مراعاة السنن كالبالغ ويدهن باي دهن شاء ويتطيب باي طيب شاء سواء كان طيبا تبقى عينه بعد الاحرام أو لا تبقى في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وهو قول محمد أولا ثم رجع وقال يكره له ان يتطيب بطيب تبقى عينه بعد الاحرام وحكى عن محمد في سبب رجوعه أنه قال كنت لا أرى به بأسا حتى رأيت قوما أحضروا طيبا كثيرا ورأيت أمرا شنيعا فكرهته وهو قول مالك احتج محمد بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للاعرابي اغسل عنك هذا الخلوف وروى عن عمر وعثمان رضي الله عنهما انهما كرها ذلك ولأنه إذا بقي عينه ينتقل من الموضع الذي طيبه إلى موضع آخر فيصير كأنه طيب ذلك الموضع ابتداء بعد الاحرام ولأبي حنيفة وأبى يوسف ما روى عن عائشة رضي الله عنها انها قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه حين أحرم ولاحلاله حين أحل قبل إن يطوف بالبيت ولقد رأيت وبيص الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد احرامه ومعلوم ان وبيص الطيب إنما يتبين مع بقاء عينه فدل أن الطيب كان بحيث تبقى عينه بعد الاحرام ولان التطيب بعد حصل مباحا في الابتداء لحصوله في غير حال الاحرام والبقاء على التطيب لا يسمى تطيبا فلا يكره كما إذا حلق رأسه ثم أحرم وأما حديث الاعرابي فهو محمول على ما إذا كان عليه ثوب مزعفر والرجل يمنع من المزعفر في غير حال الاحرام ففي حال الاحرام أولى حملناه على هذا توفيقا بين الحديثين بقدر الامكان وأما حديث عمر وعثمان فقد روى عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما بخلافه فوقع التعارض فسقط الاحتجاج بقولهما وما ذكر من معنى الانتقال إلى مكان آخر غير سديد لأن اعتباره يوجب الجزاء لو أنتقل وليس كذلك بالاجماع ولو ابتدأ الطيب بعد الاحرام فوجبت عليه الكفارة فكفر وبقى عليه هل يلزمه كفارة أخرى ببقاء الطيب عليه اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يلزمه كفارة أخرى لان ابتداء الاحرام كان محظورا لوجوده في حال الاحرام فكذا البقاء عليه بخلاف المسألة الأولى وقال بعضهم لا يلزمه كفارة أخرى لان حكم الابتداء قد سقط عنه بالكفارة والبقاء على الطيب لا يوجب الكفارة كما في المسألة الأولى ثم يصلى ركعتين لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أتاني آت من ربى وأنا بالعقيق وقال لي صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل لبيك بعمرة وحجة لأنه كان قارنا ثم ينوى الاحرام ويستحب له ان يتكلم بلسانه ما نوى بقلبه فيقول إذا أراد ان يحرم بالحج اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله منى وإذا أراد أن يحرم بالعمرة يقول اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي وتقبلها منى وإذا أراد القرآن يقول اللهم إني أريد العمرة والحج فيسرهما لي وتقبلهما منى لان الحج عبادة عظيمة فيها كلفة ومشقة شديدة فيستحب الدعاء بالتيسير والتسهيل وبالقبول بعد التحصيل إذ لا كل عبادة تقبل الا ترى ان إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام لما بنيا البيت على الوجه الذي أمرا ببنائه سألا ربهما قبول ما فعلا فقالا ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ويستحب ان يذكر الحج والعمرة أوهما في اهلاله ويقدم العمرة على الحج في الذكر إذا أهل بهما فيقول لبيك بعمرة وحجة لما رينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أتاني آت من ربى وأنا بالعقيق فقال صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل لبيك بعمرة وحجة وإنما يقدم العمرة على الحج في الذكر
(١٤٤)