لم تسقط عنه الكفارة ولو مرض في يومه ذلك مرضا يرخص الافطار أو يبيحه تسقط عنه الكفارة ووجه الفرق ان في المرض معنى يوجب تغيير الطبيعة عن الصحة إلى الفساد وذلك المعنى يحدث في الباطن ثم يظهر أثره في الظاهر فلما مرض في ذلك اليوم علم أنه كان موجودا وقت الافطار لكنه لم يظهر أثره في الظاهر فكان المرخص أو المبيح موجودا وقت الافطار فمنع انعقاد الافطار موجبا للكفارة أو وجود أصله أورث شبهة في الوجوب وهذه الكفارة لا تجب مع الشبهة وهذا المعنى لا يتحقق في السفر لأنه اسم للخروج والانتقال من مكان إلى مكان وانه يوجد مقصورا على حال وجوده فلم يكن المرخص أو المبيح موجودا وقت الافطار فلا يؤثر في وجوبها وكذلك إذا أفطرت المرأة ثم حاضت في ذلك اليوم أو نفست سقطت عنها الكفارة لان الحيض دم مجتمع في الرحم يخرج شيئا فشيئا فكان موجودا وقت الافطار لكنه لم يبرز فمنع وجوب الكفارة ولو سافر في ذلك اليوم مكرها لا تسقط عنه الكفارة عند أبي يوسف وعند زفر تسقط والصحيح قول أبى يوسف لما ذكرنا أن المرخص أو المبيح وجد مقصورا على الحال فلا يؤثر في الماضي ولو جرح نفسه فمرض مرضا شديدا مرخصا للافطار أو مبيحا اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يسقط وقال بعضهم لا يسقط وهو الصحيح لان المرض هنا حدث من الجرح وانها وجدت مقصورة على الحال فكان المرض مقصورا على حال حدوثه فلا يؤثر في الزمان الماضي والله أعلم ومن أصبح في رمضان لا ينوى الصوم فأكل أو شرب أو جامع عليه قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليه عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر عليه الكفارة بناء على أن صوم رمضان يتأدى بدون النية عنده فوجد افساد صوم رمضان بشرائطه وعندنا لا يتأدى فلم يوجد الصوم فاستحال الافساد وروى عن أبي يوسف ان أكل قبل الزوال فعليه القضاء والكفارة وان أكل بعد الزوال فلا كفارة عليه كذا ذكر القدوري الخلاف بين أبي حنيفة ومحمد وبين أبى يوسف في شرحه مختصر الكرخي وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي الخلاف بين أبي حنيفة وبين صاحبيه وجه قول من فصل بين ما قبل الزوال أو بعده أن الامساك قبل الزوال كان بفرض أن يصير صوما قبل الأكل والشرب والجماع لجواز أن ينوى فإذا أكل فقد أبطل الفرضية وأخرجه من أن يصير صوما فكان افسادا للصوم معنى بخلاف ما بعد الزوال لان الاكل بعد الزوال لم يقع ابطالا للفرضية لبطلانها قبل الاكل وروى الحسن عن أبي حنيفة فيمن أصبح لا ينوى صوما ثم نوى قبل الزوال ثم جامع في بقية يومه فلا كفارة عليه وروى عن أبي يوسف أن عليه الكفارة وجه قوله أن صوم رمضان يتأدى بنية من النهار قبل الزوال عند أصحابنا فكانت النية من النهار والليل سواء وجه ظاهر الرواية أنه لو جامع في أول النهار لا كفارة عليه فكذا إذا جامع في آخره لان اليوم في كونه محلا للصوم لا يتجزأ أو يوجب ذلك شبهة في آخر اليوم وهذه الكفارة لا تجب مع الشبهة وذكر في المنتقى فيمن أصبح ينوى الفطر ثم عزم على الصوم ثم أكل متعمدا أنه لا كفارة عليه عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف عليه الكفارة والكلام من الجانبين على نحو ما ذكرنا ولو جامع في رمضان متعمدا مرارا بأن جامع في يوم ثم جامع في اليوم الثاني ثم في الثالث ولم يكفر فعليه لجميع ذلك كله كفارة واحدة عندنا وعند الشافعي عليه لكل يوم كفارة ولو جامع في يوم ثم كفر ثم جامع في يوم آخر فعليه كفارة أخرى في ظاهر الرواية وروى زفر عن أبي حنيفة أنه ليس عليه كفارة أخرى ولو جامع في رمضانين ولم يكفر للأول فعليه لكل جماع كفارة في ظاهر الرواية وذكر محمد في الكيسانيات أن عليه كفارة واحدة وكذا حكى الطحاوي عن أبي حنيفة وجه قول الشافعي أنه تكرر سبب وجوب الكفارة وهو الجماع عنده وافساد الصوم عندنا والحكم يتكرر بتكرر سببه وهو الأصل الا في موضع فيه ضرورة كما في العقوبات البدنية وهي الحدود لما في التكرر من خوف الهلاك ولم يوجد ههنا فيتكرر الوجوب ولهذا تكرر في سائر الكفارات وهي كفارة القتل واليمين والظهار ولنا حديث الاعرابي أنه لما قال واقعت امرأتي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتاق رقبة واحدة بقوله أعتق رقبة وإن كان قوله واقعت يحتمل المرة والتكرار ولم يستفسر فدل أن الحكم لا يختلف بالمرة والتكرار ولان معنى الزجر لازم في هذه الكفارة أعني كفارة الافطار بدليل اختصاص وجوبها بالعمد المخصوص في الجناية الخالصة الخالية عن
(١٠١)