فان أدى القيمة يؤدى خمسة دراهم في الزيادة والنقصان جميعا لأنه تبين انها هي الواجبة يوم الحول وعند أبي يوسف ومحمد ان أدى من عينها يؤدى خمسة أقفزة في الزيادة والنقصان جميعا كما قال أبو حنيفة وان أدى من القيمة يؤدى في النقصان درهمين ونصفا وفى الزيادة عشرة دراهم لان الواجب الأصلي عندهما هو ربع عشر العين وإنما له ولاية النقل إلى القيمة يوم الأداء فيعتبر قيمتها يوم الأداء والصحيح ان هذا مذهب جميع أصحابنا لان المذهب عندهم أنه إذا هلك النصاب بعد الحول تسقط الزكاة سواء كان من السوائم أو من أموال التجارة ولو كان الواجب أحدهما غير عين عند أبي حنيفة لتعينت القيمة عند هلاك العين على ما هو الأصل في التخيير بين شيئين إذا هلك أحدهما انه يتعين الآخر وكذا لو وهب النصاب من الفقير ولم تحضره النية أصلا سقطت عنه الزكاة ولو لم يكن الواجب في النصاب عينا لما سقطت كما إذا وهب منه غير النصاب وكذا إذا باع نصاب الزكاة من السوائم والساعي حاضر ان شاء أخذ من المشترى وان شاء أخذ من البائع ولولا أن الواجب ربع عشر العين لما ملك الاخذ من غير المشترى فدل أن مذهب جميع أصحابنا هذا وهو أن الواجب ربع عشر العين الا عند أبي حنيفة الواجب عند الحول ربع عشر العين من حيث إنه مال لا من حيث إنه عين وعندهما الواجب ربع عشر العين من حيث الصورة والمعنى جميعا لكن لمن عليه حق النقل من العين إلى القيمة وقت الأداء ومسائل الجامع مبنية على هذا الأصل على ما نذكر وقال الشافعي الواجب من قدر الزكاة بعد الحول في الذمة لا في النصاب وعلى هذا ينبنى ما إذا هلك مال الزكاة بعد الحول وبعد التمكن من الأداء انه تسقط عنه الزكاة عندنا وعنده لا تسقط وإذا هلك قبل التمكن من الأداء لا تجب عندنا وللشافعي قولان في قول لا تجب أصلا وفى قول تجب ثم تسقط لا إلى ضمان ولا خلاف في أن صدقة الفطر لا تسقط بهلاك النصاب وعلى هذا الخلاف العشر والخراج وجه قول الشافعي أن هذا حق وجب في ذمته وتقرر بالتمكن من الأداء فلا يسقط بهلاك النصاب كما في ديون العباد وصدقة الفطر وكما في الحج فإنه إذا كان موسرا وقت خروج القافلة من بلده ثم هلك ماله لا يسقط الحج عنه وإنما قلنا إنه وجب في ذمته لان الشرع أضاف الايجاب إلى مال لا بعينه قال النبي صلى الله عليه وسلم في مائتي درهم خمسة دراهم وفى أربعين شاة شاة أوجب خمسة وشاة لا بعينها والواجب إذا لم يكن عينا كان في الذمة كما في صدقة الفطر ونحوها ولان غاية الأمر ان قدر الزكاة أمانة في يده لكنه مطالب شرعا بالأداء بعد التمكن منه ومن منع الحق عن المستحق بعد طلبه يضمن كما في سائر الأمانات والخلاف ثابت فيما إذا طلبه الفقير أو طالبه الساعي بالأداء فلم يؤد حتى هلك النصاب ولنا أن المالك اما أن يؤاخذ بأصل الواجب أو بضمانه لا وجه للأول لان محله النصاب والحق لا يبقى بعد فوات محله كالعبد الجاني أو المديون إذا هلك والشقص الذي فيه الشفعة إذا صار بحر أو الدليل على أن محل أصل الواجب هو النصاب قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة وقول النبي صلى الله عليه وسلم خذ من الذهب الذهب ومن الفضة الفضة ومن الإبل الإبل الحديث وكلمة من تبعيض فيقتضى أن يكون الواجب بعض النصاب وقوله صلى الله عليه وسلم في مائتي درهم خمسة دراهم وفى أربعين شاة شاة جعل الواجب مظروفا في النصاب لان في للظرف ولان الزكاة عرف وجوبها على طريق اليسر وطيبة النفس بأدائها ولهذا اختص وجوبها بالمال النامي الفاضل عن الحاجة الأصلية وشرط لها الحول وكمال النصاب ومعنى اليسر في كون الواجب في النصاب يبقى ببقائه ويهلك بهلاكه ولا سبيل إلى الثاني لان وجوب الضمان يستدعى تفويت ملك أو يد كما في سائر الضمانات وهو بالتأخير عن أول أوقات الامكان لم يفوت على الفقير ملكا ولا يدا فلا يضمن بخلاف صدقة الفطر والحج لان محل الواجب هناك ذمته لا ماله وذمته باقية بعد هلاك المال وأما قوله إنه منع حق الفقير بعد طلبه فنقول إن هذا الفقير ما تعين مستحقا لهذا الحق فان له ان يصرفه إلى فقير آخر وان طالبه الساعي فامتنع من الأداء حتى هلك المال قال أهل العراق من أصحابنا انه يضمن لان الساعي متعين للاخذ فيلزمه الأداء عند طلبه فيصير بالامتناع مفوتا فيضمن ومشايخنا بما وراء النهر قالوا إنه لا يضمن وهو الأصح فإنه ذكر في كتاب الزكاة إذا حبس السائمة بعدما وجبت الزكاة فيها حتى
(٢٢)