ابن يحيى عن ماء موضوع في الفلاة في الحب أو نحو ذلك أيكون للمسافر أن يتيمم أو يتوضأ به قال يتمم ولا يتوضأ به لأنه لم يوضع للوضوء وإنما وضع للشرب الا أن يكون كثيرا فيستدل بكثرته على أنه وضع للشرب والوضوء جميعا فيتوضأ به ولا يتمم وكذا إذا كان به جراحة أو جدري أو مرض يضره استعمال الماء فيخاف زيادة المرض باستعمال الماء يتيمم عندنا وقال الشافعي لا يجوز التيمم حتى يخاف التلف وجه قوله إن العجز عن استعمال الماء شرط جواز التيمم ولا يتحقق العجز الا عند خوف الهلاك (ولنا) قوله تعالى وان كنتم مرضى أو على سفر إلى قوله فتيمموا صعيدا طيبا أباح التيمم للمريض مطلقا من غير فصل بين مرض ومرض الا ان المرض الذي لا يضر معه استعمال الماء ليس بمراد فبقي المرض الذي يضر معه استعمال الماء مرادا بالنص وروى أن واحدا من الصحابة رضي الله عنهم أجنب وبه جدري فاستغنى أصحابه فافتوه بالاغتسال فاغتسل فمات فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه سلم فقال قتلوه قتلهم الله هلا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العى السؤال كان يكفيه التيمم وهذا نص ولان زيادة المرض سبب الموت وخوف الموت مبيح فكذا خوف سبب الموت لأنه خوف الموت بواسطة والدليل عليه انه أثر في إباحة الافطار وترك القيام بلا خلاف فههنا أولى لان القيام ركن في باب الصلاة والوضوء شرط فخوف زيادة المريض لما أثر في اسقاط الركن فلان يؤثر في اسقاط الشرط أولى ولو كان مريضا لا يضره استعمال الماء لكنه عاجز عن الاستعمال بنفسه وليس له خادم ولا مال يستأجر به أجيرا فيعينه على الوضوء أجزأه التيمم سواء كان في المفازة أو في المصر وهو ظاهر المذهب لان العجز متحقق والقدرة موهومة فوجد شرط الجواز وروى عن محمد انه إن كان في المصر لا يجزيه الا أن يكون مقطوع اليد لأن الظاهر أنه يجد أحدا من قريب أو بعيد يعينه وكذا العجز لعارض على شرف الزوال بخلاف مقطوع اليدين ولو أجنب في ليلة باردة يخاف على نفسه الهلاك لو اغتسل ولم يقدر على تسخين الماء ولا على اجرة الحمام في المصر أجزأه التيمم في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد إن كان في المصر لا يجزئه وجه قولهما ان الظاهر في المصر وجود الماء المسخن والدف ء فكان العجز نادرا فكان ملحقا بالعدم ولأبي حنيفة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه بعث سرية وأمر عليهم عمرو بن العاص رضي الله عنه وكان ذلك في غزوة ذات السلاسل فلما رجعوا شكوا منه أشياء من جملتها انهم قالوا صلى بنا وهو جنب فذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له فقال يا رسول الله أجنبت في ليلة باردة فخفت على نفسي الهلاك لو اغتسلت فذكرت ما قال الله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما فتيممت وصليت بهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترون صاحبكم كيف نظر لنفسه ولكم ولم يأمره بالإعادة ولم يستفسره انه كان في مفازة أو مصر ولأنه علل فعله بعلة عامة وهي خوف الهلاك ورسول الله صلى الله عليه وسلم استصوب ذلك منه والحكم يتعمم بعموم العلة وقولهما ان العجز في المصر نادر فالجواب عنه إنه في حق الفقراء الغرباء ليس بنادر على أن الكلام فيما إذا تحقق العجز من كل وجه حتى لو قدر على الاغتسال بوجه من الوجوه لا يباح له التيمم ولو كان مع رفيقه ماء فإن لم يعلم به لا يجب عليه الطلب عندنا وعند الشافعي يجب على ما ذكرنا وان علم به ولكن لا ثمن له فكذلك عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف عليه السؤال وجه قوله إن الماء مبذول في العادة لقلة خطره فلم يعجز عن الاستعمال ولأبي حنيفة ان العجز متحقق والقدرة موهومة لأن الماء من أعز الأشياء في السفر فالظاهر عدم البذل فان سأله فلم يعطه أصلا أجزأه التيمم لان العجز قد تقرر وكذا إن كان يعطيه بالثمن ولا ثمن له لما قلنا وإن كان له ثمن ولكن لا يبيعه الا بغين فاحش يتيمم ولا يلزمه الشراء عند عامه العلماء وقال الحسن البصري يلزمه الشراء ولو بجميع ماله لأن هذه تجارة رابحة (ولنا) انه عجز عن استعمال الماء الا باتلاف شئ من ماله لان ما زاد على ثمن المثل لا يقابله عوض وحرمة مال المسلم كحرمة دمه قال النبي صلى الله عليه وسلم حرمة مال المسلم كحرمة دمه ولهذا أبيح له القتال دون ماله كما أبيح له دون نفسه ثم خوف فوات بعض النفس مبيح للتيمم فكذا فوات بعض المال
(٤٨)