أبي يوسف انه إن كان الماء بحيث لو ذهب إليه لا تنقطع عنه جلبة العير ويحس أصواتهم أو أصوات الدواب فهو قريب وإن كان يغيب عنه ذلك فهو بعيد وقال بعضهم إن كان بحيث يمسع أصوات أهل الماء فهو قريب وإن كان لا يسمع فهو بعيد وكذا ذكر الكرخي وقال بعضهم قدر فرسخ وقال بعضهم مقدار ما لا يسمع الاذان وقال بعضهم إذا خرج من المصر مقدار ما لا يسمع لو نودي من أقصى المصر فهو بعيد وأقرب الأقاويل اعتبار الميل لان الجواز لدفع الحرج واليه وقعت الإشارة في آية التيمم وهو قوله تعالى على أثر الآية ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم ولا حرج فيما دون الميل فاما الميل فصاعدا فلا يخلو عن حرج وسواء خرج من المصر للسفر أو لأمر آخر وقال بعض الناس لا يتيمم الا أن يكون قصد سفر أو انه ليس بسديد لان ماله ثبت الجواز وهو دفع الحرج لا يفصل بين المسافر وغيره هذا إذا كان علم ببعد الماء بيقين أو بغلبة الرأي أو أكبر الظن أو أخبره بذلك رجل عدل وأما إذا علم أن الماء قريب منه اما قطعا أو ظاهرا أو أخبره عدل بذلك لا يجوز له التيمم لان شرط جواز التيمم لم يوجد وهو عدم الماء ولكن يجب عليه الطلب هكذا روى عن محمد أنه قال إذا كان الماء على ميل فصاعدا لم يلزمه طلبه وإن كان أقل من ميل أتيت الماء وان طلعت الشمس هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة ولا يبلغ بالطلب ميلا وروى عن محمد أنه يبلغ به ميلا فان طلب أقل من ذلك يم يجز التيمم وان خاف فوت الوقت وهو رواية عن أبي حنيفة والأصح أنه يطلب قدر ما يضر بنفسه ورفقته بالانتظار وكذلك إذا كان بقرب من العمر ان يجب عليه الطلب حتى أو تيمم وصلى ثم ظهر الماء لم تجز صلاته لان العمر ان لا يخلو عن الماء ظاهرا وغالبا والظاهر ملحق بالمتيقن في الأحكام ولو كان بحضرته رجل يسأله عن قرب الماء فلم يسأله حتى تيمم وصلى ثم سأله فإن لم يخبره بقرب الماء فصلاته ماضية وان أخبره بقرب الماء توضأ وأعاد الصلاة لأنه تبين أن الماء بقرب منه ولو سأله لأخبره فلم يوجد الشرط وهو عدم الماء وان سأله في الابتداء فلم يخبره حتى تيمم وصلى ثم أخبره بقرب الماء لا يجب عليه إعادة الصلاة لان المتعنت لا قول له فإن لم يكن بحضرته أحد يخبره بقرب الماء ولا غلب على ظنه أيضا قرب الماء لا يجب عليه الطلب عندنا وقال الشافعي يجب عليه أن يطلب عن يمين الطريق ويساره قد رغلوة حتى لو تيمم وصلى قبل الطلب ثم ظهر أن الماء قريب منه فصلاته ماضية عندنا وعنده لم تجز واحتج بقوله تعالى فلم تجدوا ماء وهذا يقتضى سابقية الطلب فكان الطلب شرطا وصار كما لو كان في العمران (ولنا) ان الشرط عدم الماء وقد تحقق من حيث الظاهر إذ المفازة مكان عدم الماء غالبا بخلاف العمران وقوله الوجود يقتضى سابقية الطلب من الواجد ممنوع الا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم من وجد لقطة فليعرفها ولا طلب من الملتقط ولان الطلب لا يفيد إذا لم يكن على طمع من وجود الماء والكلام فيه وربما ينقطع عن أصحابه فيلحقه الضرر فلا يجب عليه الطلب ولكن يستحب له ذلك إذا كان على طمع من وجود الماء فان أبا يوسف قال في الأمالي سألت أبا حنيفة عن المسافر لا يجد الماء أيطلب عن يمين الطريق ويساره قال إن طمع في ذلك فليفعل ولا يبعد فيضر بأصحابه ان انتظروه أو بنفسه ان انقطع عنهم ثم ما ذكرنا من اعتبار البعد والقرب مذهب أصحابنا الثلاثة فاما على مذهب زفر فلا عبرة للبعد والقرب في هذا الباب بل العبرة للوقت بقاء وخروجا فإن كان يصل إلى الماء قبل خروج الوقت لا يجزيه التيمم وإن كان الماء بعيد أو إن كان لا يصل إليه قبل خروج الوقت يجزئه التيمم وإن كان الماء قريبا والمسألة نذكرها بعد إن شاء الله تعالى (وأما) العدم من حيث المعنى لا من حيث الصورة فهو أن يعجز عن استعمال الماء لمانع مع قرب الماء منه نحو ما إذا كان على رأس البئر ولم يجد آلة الاستقاء فيباح له التيمم لأنه إذا عجز عن استعمال الماء لم يكن واجدا له من حيث المعنى فيدخل تحت النص وكذا إذا كان بينه وبين الماء عدوا ولصوص أو سبع أو حية يخاف على نفسه الهلاك إذا اتاه لان القاء النفس في التهلكة حرام فيتحقق العجز عن استعمال الماء وكذا إذا كان معه ماه وهو يخاف على نفسه العطش لأنه مستحق الصرف إلى العطش والمستحق كالمصروف فكان عاد ما للماء معنى وسئل نصر
(٤٧)