تشترط ملاقاة الفرجين وهي مماستهما على قولهما لا يشترط ذلك في ظاهر الرواية عنهما وشرطه في النوادر وذكر الكرخي ملاقاة الفرجين أيضا وجه القياس أن السبب إنما يقام مقام المسبب في موضع لا يمكن الوقوف على المسبب من غير حرج والوقوف على المسبب ههنا ممكن بلا حرج لان الحال حالي يقظة فيمكن الوقوف على الحقيقة فلا حاجة إلى إقامة السبب مقامها وجه الاستحسان ما روى أن أبا اليسر بائع الغسل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أصبت من امرأتي كل شئ الا الجماع فقال صلى الله عليه وسلم توضأ وصل ركعتين ولان المباشرة على الصفة التي ذكرنا لا تخلو عن خروج المذي عادة الا أنه يحتمل أنه جف لحرارة البدن فلم يقف عليه أو غفل عن نفسه لغلبة الشبق فكانت سببا مفضيا إلى الخروج وإقامة السبب مقام المسبب طريقة معهودة في الشريعة خصوصا في أمر يحتاط فيه كما يقام المس مقام الوطئ في حق ثبوت حرمة المصاهرة بل يقام نفس النكاح مقامه ويقام نوم المضطجع مقام الحدث ونحو ذلك كذا ههنا ولو لمس امرأته بشهوة أو غير شهوة فرجها أو سائر أعضائها من غير حائل ولم ينشر لها لا ينتقض وضوؤه عند عامة العلماء وقال مالك إن كان المس بشهوة يكون حدثا وإن كان بغير شهوة بأن كانت صغيرة أو كانت ذا رحم محرم منه لا يكون حدثا وهو أحد قولي الشافعي وفي قول يكون حدثا كيفما ما كان بشهوة أو بغير شهوة وهل تنتقض طهارة الملموسة لا شك أنها لا تنتقض عندنا وللشافعي فيه قولان احتجا بقوله تعالى أو لامستم النساء والملامسة مفاعلة من اللمس واللمس والمس واحد لغة قال الله تعالى وانا لمسنا السماء وحقيقة اللمس للمس باليد وللجماع مجازا وهو حقيقة لهما جميعا لوجود المس فيهما جميعا وإنما اختلف آلة المس فكان الاسم حقيقة لهما لوجود معنى الاسم فيهما وقد جعل الله تعالى اللمس حدثا حيث أوجب به احدى الطهارتين وهي التيمم (ولنا) ما روى عن عائشة رضي الله عنها انها سئلت عن هذه الحادثة فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ ولان المس ليس بحدث بنفسه ولا سبب لوجود الحدث غالبا فأشبه مس الرجل الرجل والمرأة المرأة ولان مس أحد الزوجين صاحبه مما يكثر وجوده فلو جعل حدثا لوقع الناس في الحرج وأما الآية فقد نقل عن ابن عباس رضي الله عنه أن المراد من اللمس الجماع وهو ترجمان القرآن وذكر ابن السكيت في اصلاح المنطق أن اللمس إذا قرن بالنساء يراد به الوطئ تقول العرب لمست المرأة أي جامعتها على أن اللمس يحتمل الجماع اما حقيقة أو مجازا فيحمل عليه توفيقا بين الدلائل ولو مس ذكره بباطن كفه من غير حائل لا ينتقض وضوؤه عندنا وعند الشافعي ينتقض احتج بما روت بسرة بنت صفوان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من مس ذكره فليتوضأ (ولنا) ما روى عن عمر وابن مسعود وابن عباس وزيد ابن ثابت وعمران بن حصين وحذيفة بن اليمان وأبى الدرداء وأبي هريرة رضي الله عنهم انهم لم يجعلوا مس الذكر حدثا حتى قال علي رضي الله عنه لا أبالي مسسته أو أرنبة أنفى وقال بعضهم للراوي إن كان نجسا فاقطعه ولأنه ليس بحدث بنفسه ولا سبب لوجود الحدث غالبا فأشبه مس الانف ولان مس الانسان ذكره مما يغلب وجوده فلو جعل حدثا يؤدى إلى الحرج وما رواه فقد قيل إنه ليس بثابت لوجوه أحدها أنه مخالف لاجماع الصحابة رضي الله عنهم وهو ما ذكرنا والثاني أنه ورى أن هذه الحادثة وقعت في زمن مروان بن الحكم فشاور من بقي من الصحابة فقالوا لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت والثالث أنه خبر واحد فيما تعم به البلوى فلو ثبت لاشتهر ولو ثبت فهو محمول على غسل اليدين لان الصحابة كانوا يستنجون بالأحجار دون الماء فإذا مسوه بأيديهم كانت تتلوث خصوصا في أيام الصيف فأمر بالغسل لهذا والله أعلم (ومنها) الاغماء والجنون والسكر الذي يستر العقل أما الاغماء فلانه في استرخاء المفاصل واستطلاق الوكاء فوق النوم مضطجعا وذلك حدث فهذا أولى وأما الجنون فلان المبتلى به يحدث حدثا ولا يشعر به فأقيم السبب مقام المسبب والسكر الذي يستر العقل في معنى الجنون في عدم التمييز وقد انضاف إليه استرخاء المفاصل ولا فرق في حق هؤلاء بين الاضطجاع والقيام لان ما ذكرنا من المعنى لا يوجب الفصل بين حال وحال (ومنها) النوم مضطجعا في الصلاة أو في غيرها بلا
(٣٠)