فلا يختلفوا وقوله صلى الله عليه وسلم تابع امامك على أي حال وجدته ما لم يظهر خطأه بيقين كان اتباعه واجبا ولا يظهر ذلك في المجتهدات فاما إذا خرج عن أقاويل الصحابة فقد ظهر خطأه بيقين فلا يجب اتباعه إذ لا متابعة في الخطا ولهذا لو اقتدى بمن يرفع يديه عند الركوع ورفع الرأس منه أو بمن يقنت في الفجر أو بمن يرى خمس تكبيرات في صلاة الجنازة لا يتابعه لظهور خطئه بيقين لان ذلك كله منسوخ ثم إلى كم يتابعه اختلف مشايخنا فيه قال عامتهم انه يتابعه إلى ثلاث عشرة تكبيرة ثم يسكت بعد ذلك وقال بعضهم يتابعه إلى ستة عشرة تكبيرة لان فعله إلى هذا الموضع محتمل للتأويل فلعل هذا القائل ذهب إلى أن ابن عباس أراد بقوله ثلاث عشرة تكبيرة الزوائد فإذا ضممت إليها تكبيرة الافتتاح وتكبيرتي الركوع صارت ستة عشر تكبيرة لكن هذا إذا كان يقرب من الامام يسمع التكبيرات منه فاما إذا كان يبعد منه يسمع من المكبرين يأتي بجميع ما يسمع وان خرج عن أقاويل الصحابة لجواز ان الغلط من المكبرين فلو ترك شيئا منها ربما كان المتروك ما أتى به الامام والمأتى به ما أخطأ فيه المكبرون فيتابعهم ليتأدى ما يأتيه الامام بيقين ولهذا قيل إذا كان المقتدى يبعد من الامام يسمع من المكبرين ينبغي ان ينوى بكل تكبيرة الافتتاح لجواز ان ما سمع قبل هذه كان غلطا من المنادى وإنما كبر لامام للافتتاح الآن ولو شرع الامام في صلاة العيد فجاء رجل واقتدى به فإن كان قبل التكبيرات الزوائد يتابع الامام على مذهبه ويترك رأيه لما قلنا وان أدركه بعد ما كبر الامام الزوائد وشرع في القراءة فإنه يكبر تكبيرة الافتتاح ويأتي بالزوائد برأي نفسه لا برأي الامام لأنه مسبوق وان أدرك الامام في الركوع فإن لم يخف فوت الركوع مع الامام يكبر للافتتاح قائما ويأتي بالزوائد ثم يتابع الامام في الركوع وإن كان الاشتغال بقضاء ما سبق به المصلى قبل الفراغ بما أدركه منسوخا لان النسخ إنما يثبت فيما يتمكن من قضائه بعد فراغ الامام فاما ما لا يتمكن من قضائه بعد فراغ الامام فلم يثبت فيه النسخ ولأنه لو تابع الامام لا يخلو اما ان يأتي بهذه التكبيرات أولا يأتي بها فإن كان لا يأتي بها فهذا تفويت الواجب وإن كان يأتي بها فقد أدى الواجب فيما هو محل له من وجه دون وجه فكان فيه تفويته عن محله من وجه ولا شك ان أداء الواجب فيما هو محل له من وجه أولى من تفويته رأسا وان خاف ان كبر يرفع الامام رأسه من الركوع كبر للافتتاح وكبر للركوع وركع لأنه لو لم يركع يفوته الركوع فتفوته الركعة بفوته وتبين ان التكبيرات أيضا فاتته فيصير بتحصيل التكبيرات مفوتا لها ولغيرها من أركان الركعة وهذا لا يجوز ثم إذا ركع يكبر تكبيرات العيد في الركوع عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف لا يكبر لأنه فات عن محلها وهو القيام فيسقط كالقنوت ولهما ان للركوع حكم القيام الا ترى ان مدركه يكون مدركا للركعة فكان محلها قائما فيأتي بها ولا يرفع يديه بخلاف القنوت لأنه بمعنى القراءة فكان محله القيام المحض وقد فات ثم إن أمكنه الجمع بين التكبيرات والتسبيحات جمع بينهما وان لم يمكنه الجمع بينهما يأتي بالتكبيرات دون التسبيحات لان التكبيرات واجبة والتسبيحات سنة والاشتغال بالواجب أولى فان رفع الامام رأسه من الركوع قبل ان يتمها رفع رأسه لان متابعة الامام واجبة وسقط عنه ما بقي من التكبيرات لأنه فات محلها ولو ركع الامام بعد فراغه من القراءة في الركعة الأولى فتذكر انه لم يكبر فإنه يعود ويكبر وقد انتقض ركوعه ولا يعيد القراءة فرق بين الامام والمقتدى حيث أمر الامام بالعود إلى القيام ولم يأمره بأداء التكبيرات في حالة الركوع وفى المسألة المتقدمة أمر المقتدى بالتكبيرات في حالة الركوع والفرق ان محل التكبيرات في الأصل القيام المحض وإنما الحقنا حالة الركوع بالقيام في حق المقتدى ضرورة وجوب المتابعة وهذه الضرورة لم تتحقق في حق الامام فبقي محلها القيام المحض فامر بالعود إليه ثم من ضرورة العود إلى القيام ارتفاض الركوع كما لو تذكر الفاتحة في الركوع انه يعود ويقرأ ويرتفض ركوعه كذا ههنا ولا يعيد القراءة لأنها تمت بالفراغ عنها والركن بعد تمامه والانتقال عنه غير قابل للنقض والابطال فبقيت على ما تمت هذا إذا تذكر بعد الفراغ من القراءة فاما ان تذكر قبل الفراغ عنها بأن قرأ الفاتحة دون السورة ترك القراءة ويأتي بالتكبيرات لأنه اشتغل بالقراءة قبل أوانها فيتركها يأتي بما هو الأهم ليكون المحل محلا له ثم يعيد القراءة
(٢٧٨)