عليكم مدارا أمر بالاستغفار في الاستسقاء فمن زاد عليه الصلاة فلابد له من دليل وكذا لم ينفل عن النبي صلى الله عليه وسلم في الروايات المشهورة أنه صلى في الاستسقاء فإنه روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة فقام رجل فقال يا رسول الله أجدبت الأرض وهلكت المواشي فاسق لنا الغيث فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء ودعا فما ضم يديه حتى مطرت السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله در أبى طالب لو كان في الاحياء لقرت عيناه فقال علي رضي الله عنه تعنى يا رسول الله قوله وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل فقال صلى الله عليه وسلم أجل وفى بعض الروايات قام ذلك الاعرابي وأنشد فقال أتيناك والعذراء يدمى لبانها * وقد شغلت أم الصبي عن الطفل وقال في آخره - وليس لنا الا إليك فرارنا * وليس فرار الناس الا إلى الرسل فبكى النبي صلى الله عليه وسلم حتى اخضلت لحيته الشريفة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ورفع يديه إلى السماء وقال اللهم اسقنا غيثا مغيثا عذبا طيبا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل فما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده إلى صدره حتى مطرت السماء وجاء أهل البلد يصيحون الغرق الغرق يا رسول الله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فقال اللهم حوالينا ولا علينا فانجابت السحابة حتى أحدقت بالمدينة كالإكليل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لله در أبى طالب لو كان حيا لقرت عيناه من ينشدنا قوله فقام علي رضي الله عنه وأنشد البيت المتقدم أولا وما روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى وعن عمر رضي الله عنه أنه خرج إلى الاستسقاء ولم يصل بجماعة بل صعد المنبر واستغفر الله وما زاد عليه فقالوا ما استسقيت يا أمير المؤمنين فقال لقد استسقيت بمجاديح السماء التي بها يستنزل الغيث وتلا قوله تعالى استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا وروى أنه خرج بالعباس فأجلسه على المنبر ووقف بجنبه يدعو ويقول اللهم انا نتوسل إليك بعم نبيك ودعا بدعاء طويل فما نزل عن المنبر حتى سقوا وعن علي أنه استسقى ولم يصل وما روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى بجماعة حديث شاذ ورد في محل الشهرة لان الاستسقاء يكون بملا من الناس ومثل هذا الحديث يرجح كذبه على صدقه أو وهمه على ضبطه فلا يكون مقبولا مع أن هذا مما تعم به البلوى في ديارهم وما تعم به البلوى ويحتاج الخاص والعام إلي معرفته لا يقبل فيه الشاذ والله أعلم ثم عندهما يقرأ في الصلاة ما شاء جهرا كما في صلاة العيدين لكن الأفضل أن يقرأ سبح اسم ربك الاعلى وهل أتاك حديث الغاشية لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأهما في صلاة العيد ولا يكبر فيها في المشهور من الرواية عنهما وروى عن محمد انه يكبر وليس في الاستسقاء أذان ولا إقامة اما عند أبي حنيفة فلا يشكل لأنه ليس فيه صلاة الجماعة وان شاؤوا صلوا فرادى وذلك في معنى الدعاء وعندهما إن كان فيه صلاة بالجماعة ولكنها ليست بمكتوبة والأذان والإقامة من خواص المكتوبات كصلاة العيد ثم بعد الفراغ من الصلاة يخطب عندهما وعند أبي حنيفة لا يخطب ولكن لو صلوا وحدانا يشتغلون بالدعاء بعد الصلاة لان الخطبة من توابع الصلاة بجماعة والجماعة غير مسنونة في هذه الصلاة عنده وعندهما سنة فكذا الخطبة ثم عند محمد يخطب خطبتين يفصل بينهما بالجلسة كما في صلاة الغيد وعن أبي يوسف انه يخطب خطبة واحدة لان المقصود منها الدعاء فلا يقطعها بالجلسة ولا يخرج المنبر في الاستسقاء ولا يصعده لو كان في موضع الدعاء منبر لأنه خلاف السنة وقد عاب الناس على مروان بن الحكم عند اخراجه المنبر في العيدين ونسبوه إلى خلاف السنة على ما بينا ولكن يخطب على الأرض معتمدا على قول أو سيف وان توكأ على عصا فحسن لان خطبته تطول فيستعين بالاعتماد على عصا ويخطب مقبلا بوجهه إلى الناس وهم مقبلون عليه لان الاسماع والاستماع إنما يتم عند المقابلة ويستمعون الخطبة وينصتون لان الامام يعظهم فيها فلابد من الانصات والاستماع وإذا فرغ من الخطبة جعل ظهره إلى الناس ووجهه إلى القبلة ويشتغل بدعاء الاستسقاء والناس قعود مستقبلون بوجوههم إلى القبلة في الخطبة والدعاء لان الدعاء مستقبل
(٢٨٣)