عليه وسلم فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع رأسه فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول وهذا نص في الباب (ولنا) ما روى محمد باسناده عن أبي بكرة أنه قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه حتى دخل المسجد فصلى ركعتين فأطالهما حتى تجلت الشمس وذلك حين مات ولده إبراهيم ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى وانهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم من هذه الافزاع شيئا فافزعوا إلى الصلاة والدعاء لينكشف ما بكم ومطلق اسم الصلاة ينصرف إلى الصلاة المعهودة وفى رواية عن أبي بكرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين نحو صلاة أحدكم وروى الجصاص عن علي والنعمان بن بشير وعبد الله بن عمر وسمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكسوف ركعتين كهيئة صلاتنا والجواب عن تعلقه بحديث ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما ان روايتهما قد تعارضت روى كما قلتم وروى أن ه صلى أربع ركعات في أربع سجدات والمتعارض لا يصلح معارضا أو نقول تعاضد ما روينا بالاعتبار بسائر الصلوات فكان العمل به أولى أو نحمل ما رويتم على أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع فأطال الركوع كثيرا زيادة على قدر ركوع سائر الصلوات لما روى أنه عرض عليه الجنة والنار في تلك الصلاة فرفع أهل الصف الأول رؤسهم ظنا منهم انه صلى الله عليه وسلم رفع رأسه من الركوع فرفع من خلفهم رؤسهم فلما رأى أهل الصف الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم راكعا ركعوا وركع من خلفهم فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركوع رفع القوم رؤسهم فمن كان خلف الصف الأول ظنوا انه ركع ركوعين فرووا على حسب ما وقع عندهم وعلم الصف الأول حقيقة الامر فنقلوا على حسب ما علموه ومثل هذا الاشتباه قد يقع لمن كان في آخر الصفوف وعائشة رضي الله عنها كانت واقفة في خير صفوف النساء وابن عباس في صف الصبيان في ذلك الوقت فنقلا كما وقع عندهما فيحمل على هذا توفيقا بين الروايتين كذا وفق محمد رحمه الله في صلاة الأثر وذكر الشيخ أبو منصور ان اختلاف الروايات خرج مخرج التناسخ لا مخرج التخيير لاختلاف الأئمة في ذلك ولو كان على التخيير لما اختلفوا ثم فيظهر أنه قد ظهر انتساخ زيادات كانت في الابتداء في الصلوات واستقرت الصلاة على الصلاة المعهودة اليوم عندنا فكان صرف النسخ إلى ما ظهر انتساخه أولى من صرفه إلى ما لم يظهر انه نسخه غيره وروى الشيخ أبو منصور عن أبي عبد الله البلخي أنه قال إن الزيادة ثبتت في صلاة الكسوف لا للكسوف بل لأحوال اعترضت حتى روى أنه صلى الله عليه وسلم تقدم في الركوع حتى كان كمن يأخذ شيئا ثم تأخر كمن ينفر عن شئ فيجوز أن تكون الزيادة منه باعتراض تلك الأحوال فمن لا يعرفها لا يسعه التكلم فيها ويحتمل أن يكون فعل ذلك لأنه سنة فلما أشكل الامر لم يعدل عن المعتمد عليه الا بيقين ثم هذه الصلاة تقام بالجماعة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقامها بالجماعة ولا يقيمها الا الامام الذي يصلى بالناس الجمعة والعيدين فاما أن يقيمها كل قوم في مسجدهم فلا وروى عن أبي حنيفة أنه قال إن كان لكل مسجد امام يصلى بجماعة لأن هذه الصلاة غير متعلقة بالمصر فلا تكون متعلقة بالسلطان كغيرها من الصلوات والصحيح ظاهر الرواية لان أداء هذه الصلاة بالجماعة عرف بإقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقيمها الا من هو قائم مقامه ولا نسلم عدم تعلقها بالمصر لان مشايخنا قالوا إنها متعلقة بالمصر فكانت متعلقة بالسلطان فإن لم يقمها الامام حينئذ صلى الناس فرادى ان شاؤوا ركعتين وان شاؤوا أربعا والأربع أفضل ثم إن شاؤوا طولوا القراءة وان شاؤوا قصروا بالدعاء حتى تنجلي الشمس لان عليهم الاشتغال بالتضرع إلى أن تنجلي الشمس وذلك بالدعاء تارة وبالقراءة أخرى وقد صح في الحديث ان قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى كان بقدر سورة البقرة وفى الركعة الثانية بقدر سورة آل عمران فالأفضل تطويل القراءة فيها ولا يجهر بالقراءة في صلاة الجماعة في كسوف الشمس عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف يجهر بها وقول محمد مضطرب ذكر في عامة الروايات قوله مع قول أبي حنيفة وجه قول من خالف أبا
(٢٨١)