بالنص بخلاف القياس والابتداء ليس في معنى البقاء ألا ترى ان حدث الامام يمنع الشروع في الصلاة ابتداء ولا يمنع البقاء فيها فيمنع الاقتداء به أيضا ابتداء ولنا انه لما كبر ونوى الدخول في صلاة الأول والأول بعد في المسجد وحرمة صلاته باقية صح الاقتداء وبقى الامام الأول بعد صحة الاقتداء على الاستخلاف أي صار الثاني بعد اقتدائه به خليفة الأول بالاستخلاف السابق فصار مستخلفا من كان مقتديا به فيجوز وإن كان مسبوق لما مروان كبر ونوى أن يصلى بهم صلاة مستقلة لم يصر مقتديا بالامام الأول فتبين ان الامام استخلف من ليس بمقتد به فلم يصح الاستخلاف وهذا لان الاستخلاف أمر جوز شرعا بخلاف القياس فيراعى عين ما ورد فيه النص والنص ورد في استخلاف من هو مقتد به فبقي غير ذلك على أصل القياس وصلاة هذا الثاني صحيحة لأنه افتتحها منفردا بها وصلاة المنفرد جائزة وصلاة القوم فاسدة لأنه لما لم يصح استخلاف الثاني بقي الأول اماما لهم وقد خرج من المسجد فتفسد صلاتهم ولأنهم لما صلوا خلف الإمام الثاني صلوا خلف من ليس بامام لهم وتركوا الصلاة خلف من هو امامهم وكلا الامرين مفسد للصلاة ولأنهم كانوا مقتدين بالأول فلا يمكنهم اتمامها مقتدين بالثاني لان الصلاة الواحدة لا تؤدى بامامين بخلاف خليفة الامام الأول لأنه قام مقام الأول فكأنه هو بعينه فكان الامام واحدا معنى وإن كان مثنى صورة وههنا الثاني ليس بخليفة للأول لأنه لم يقتد به قط فكان هذا أداء صلاة واحدة خلف امامين صورة ومعنى وهذا لا يجوز وأما صلاة الامام الأول فلم يتعرض لها في الكتاب واختلف مشايخنا فيها قال بعضهم تفسد لأنه لما استخلفه اقتدى به والاقتداء بمن ليس معه في الصلاة يوجب فساد الصلاة وقال بعضهم لا تفسد لأنه خرج من المسجد من غير استخلاف والأول أصح وقد ذكر في العيون لوان اماما أحدث وقدم رجلا من آخر الصفوف ثم خرج من المسجد فان نوى الثاني أن يكون اماما من ساعته جازت صلاتهم وصار الأول كواحد من القوم وان نوى أن يكون اماما إذا قام مقام الأول فسدت صلاتهم إذا خرج الأول قبل أن يصل الثاني إلى مقامه ولو قام الثاني مقام الأول قبل خروجه من المسجد جازت صلاتهم والله الموفق ومنها أي من مفسدات الصلاة الكلام عمدا أو سهوا وقال الشافعي كلام الناسي لا يفسد الصلاة إذا كان قليلا وله في الكثير قولان واحتج بما روى عن أبي هريرة أنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم احدث صلاتي العشي اما الظهر واما العصر فسلم على رأس الركعتين فخرج سرعان القوم فقام رجل يقال له ذو اليدين فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسبتها فقال صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن فقال والذي بعثك بالحق لقد كان بعض ذلك ثم أقبل على القوم وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال صلى الله عليه وسلم أحق ما يقول ذو اليدين فقالا نعم صدق ذو اليدين صليت ركعتين فقام وصلى الباقي وسجد سجدتي السهو بعد السلام فالنبي صلى الله عليه وسلم تكلم ناسيا فان عنده انه كان أتم الصلاة وذو اليدين تكلم ناسيا فإنه زعم أن الصلاة قد قصرت ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستقبل الصلاة ولم يأمر ذا اليدين ولا أبا بكر ولا عمر بالاستقبال وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولان كلام الناسي بمنزلة سلام الناسي وذلك لا يوجب فساد الصلاة وإن كان كلاما لأنه خطاب الآدميين ولهذا يخرج عمده من الصلاة كذا هذا ولنا ما روينا من حديث البناء وهو قوله صلى الله عليه وسلم وليبن علي صلاته ما لم يتكلم جوز البناء إلى غاية التكلم فيقضى انتهاء الجواز بالتكلم وروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال خرجنا إلى الحبشة وبعضنا يسلم على بعض في صلاته فلما قدمت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فسلمت عليه فلم يرد على فأخذني ما قدم وما حدث فلما سلم قال يا ابن أم عبد ان الله تعالى يحدث من أمره ما يشاء وان مما أحدث أن لا تتكلم في الصلاة وروى عن معاوية بن الحكم السلمي أنه قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس بعض القوم فقلت يرحمك الله فرماني بعض القوم بأبصارهم فقلت واثكل أماه مالي أراكم تنظرون إلى شررا فضربوا أيديهم على أفخاذهم فعلمت أنهم يسكتونني فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم دعاني فوالله ما رأيت معلما أحسن تعليما منه ما نهرني ولا زجرني ولكن قال إن صلاتا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس
(٢٣٣)