بالايماء أجزأه ولا يستحب له ذلك وقال زفر والشافعي لا يجزئه الا أن يصلى قائما (واحتجا) بما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمران بن حصين رضي الله عنه فإن لم تستطع فقاعدا علق الجواز قاعدا بشرط العجز عن القيام ولا عجز ولان القيام ركن فلا يجوز تركه مع القدرة عليه كما لو كان قادرا على القيام والركوع والسجود والايماء حالة القيام مشروع في الجملة بأن كان الرجل في طين وردغة راجلا أو في حالة الخوف من العدو وهو راجل فإنه يصلى قائما بالايماء كذا ههنا (ولنا) ان الغالب ان من عجز عن الركوع والسجود كان عن القيام أعجز لان الانتقال من القعود إلى القيام أشق من الانتقال من القيام إلى الركوع والغالب ملحق بالمتيقن في الأحكام فصار كأنه عجز عن الامرين الا أنه متى صلى قائما جاز لأنه تكلف فعلا ليس عليه فصار كما لو تكلف الركوع جاز وان لم يكن عليه كذا ههنا ولان السجود أصل وسائرا الأركان كالتابع له ولهذا كان السجود معتبرا بدون القيام كما في سجدة التلاوة وليس القيام معتبرا بدون السجود بل لم يشرع بدونه فإذا سقط الأصل سقط التابع ضرورة ولهذا سقط الركوع عمن سقط عنه السجود وإن كان قادرا على الركوع وكان الركوع بمنزلة التابع له فكذا القيام بل أولى لان الركوع أشد تعظيما واظهار الذل العبودية من القيام ثم لما جعل تابعا له وسقط بسقوطه فالقيام أولى الا انه لو تكلف وصلى قائما يجوز لما ذكرنا ولكن لا يستحب لان القيام بدون السجود غير مشروع بخلاف ما إذا كان قادرا على القيام والركوع والسجود لأنه لم يسقط عنه الأصل فكذا التابع وأما الحديث فنحن نقول بموجبه ان العجز شرط لكنه موجود ههنا نظرا إلى الغالب لما ذكرنا ان الغالب هو العجز في هذه الحالة والقدرة في غاية الندرة والنادر ملحق بالعدم ثم المريض إنما يفارق الصحيح فيما يعجز عنه فاما فيما يقدر عليه فهو كالصحيح لان المفارقة للعذر فتتقدر بقدر العذر حتى لو صلى قبل وقتها أو بغير وضوء أو بغير قراءة عمدا أو خطأ وهو يقدر عليها لم يجزه وان عجز عنها أو ماء بغير قراءة لان القراءة ركن فتسقط بالعجز كالقيام الا ترى انها سقطت في حق الأمي وكذا إذا صلى لغير القبلة متعمدا لذلك لم يجزه وإن كان ذلك خطأ منه أجزأه بأن اشتبهت عليه القبلة وليس بحضرته من يسأله عنها فتحرى وصلى ثم تبين انه أخطأ كما في حق الصحيح وإن كان وجه المريض إلى غير القبلة وهو لا يجد من يحول وجهه إلى القبلة ولا يقدر على ذلك بنفسه يصلى كذلك لأنه ليس في وسعه الا ذلك وهل يعيدها إذا برئ روى عن محمد ابن مقاتل الرازي انه يعيدها وأما في ظاهر الجواب فلا إعادة عليه لان العجز عن تحصيل الشرائط لا يكون فوق العجز عن تحصيل الأركان وثمة لا تجب الإعادة فههنا أولى ولو كان بجبهته جرح لا يستطيع السجود على الجبهة لم يجزه الايماء وعليه السجود على الانف لان الانف مسجد كالجبهة خصوصا عند الضرورة على ما مر وهو قادر على السجود عليه فلا يجزئه الايماء ولو عجز عن الايماء وهو تحريك الرأس فلا شئ عليه عندنا وقال زفر يومئ بالحاجبين أولا فان عجز فبالعينين فان عجز فبقلبه وقال الحسن بن زياد يومئ بعينيه وبحاجبيه ولا يومئ بقلبه وجه قول زفر ان الصلاة فرض دائم لا يسقط الا بالعجز فما عجز عنه يسقط وما قدر عليه يلزمه بقدره فإذا قدر بالحاجبين كان الايماء بهما أولى لأنهما أقرب إلى الرأس فان عجز الآن يومئ بعينيه لأنهما من الأعضاء الظاهرة وجميع البدن ذو حظ من هذه العبادة فكذا العينان فان عجز فبالقلب لأنه في الجملة ذو حظ من هذه العبادة وهو النية الا ترى ان النية شرط صحتها فعند العجز تنتقل إليه وجه قول الحسن ان أركان الصلاة تؤدى بالأعضاء الظاهرة فأما الباطنة فليس بذى حظ من أركانها بل هو ذو حظ من الشرط وهو النية وهي قائمة أيضا عند الايماء فلا يؤدى به الأركان والشرط جميعا (ولنا) ما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في المريض ان لم يستطع قاعدا فعلى القفا يومئ ايماء فإن لم يستطع فالله أولى بقبول العذر أخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه معذور عند الله تعالى في هذه الحالة فلو كان عليه الايماء بما ذكرتم لما كان معذورا ولان الايماء ليس بصلاة حقيقة ولهذا لا يجوز التنقل به في حالة الاختيار ولو كان صلاة لجاز كما لو تنفل قاعدا الا أنه أقيم مقام الصلاة بالشرع والشرع ورد بالايماء بالرأس فلا يقام غيره مقامه ثم إذا سقطت عنه الصلاة بحكم
(١٠٧)