ثلاثة أيام وأكثر ما يكون من الحيض عشرة أيام وما زاد على العشرة فهو استحاضة وهذا حديث مشهور وروى عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم عبد الله بن مسعود وأنس بن مالك وعمران بن حصين وعثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنهم انهم قالوا الحيض ثلاث أربع خمس ست سبع ثمان تسع عشر ولم يروعن غيرهم خلافه فيكون اجماعا والتقدير الشرعي يمنع أن يكون لغير المقدر حكم المقدور به تبين ان الخبر المشهور والاجماع خرجا بيانا للمذكور في الكتاب والاعتبار بالنفاس غير سديد لان القليل هناك عرف خارجا من الرحم بقرينة الولد ولم يوجد ههنا (واما) الثاني فذكر في ظاهر الرواية ان أقل الحيض ثلاثة أيام ولياليها وحكى عن أبي يوسف في النوادر يومان وأكثر اليوم الثالث وروى الحسن عن أبي حنيفة ثلاثة أيام بليلتيهما المتخللتين وقال الشافعي يوم وليلة في قول وفي قول يوم بلا ليلة واحتج بما احتج به مالك الا أنه قال لا يمكن اعتبار القليل حيضا لان اقبال النساء لا تخلو عن قليل لوث عادة فيقدر باليوم أو باليوم والليلة لأنه أقل مقدار يمكن اعتباره وحجتنا ما ذكرنا مع مالك وحجة ما روى عن أبي يوسف ان أكثر الشئ يقام مقام كله وهذا على الاطلاق غير سديد فإنه لو جاز إقامة يومين وأكثر اليوم الثالث مقام الثلاثة لجاز إقامة يومين مقام الثلاثة لوجود الأكثر وجه رواية الحسن ان دخول الليالي ضرورة دخول الأيام المذكورة في الحديث لا مقصودا والضرورة ترتفع بالليلتين المتخللتين والجواب ان دخول الليالي تحت اسم الأيام ليس من طريق الضرورة بل يدخل مقصودا لان الأيام إذا ذكرت بلفظ الجمع تتناول ما بإزائها من الليالي لغة فكان دخولا مقصودا لا ضرورة (واما) أكثر الحيض فعشرة أيام بلا خلاف بين أصحابنا وقال الشافعي خمسة عشر واحتج بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تقعد إحداهن شطر عمرها لا تصوم ولا تصلى ثم أحد الشطرين الذي تصلى فيه وهو الطهر خمسة عشر كذا الشطر الآخر ولان الشرع أقام الشهر مقام حيض وطهر في حق الآيسة والصغيرة فهذا يقتضى انقسام الشهر على الحيض والطهر وهو أن يكون نصفه طهرا ونصفه حيضا ولنا ما روينا من الحديث المشهور واجماع الصحابة وليس المراد من الشطر المذكور النصف لأنا نعلم قطعا انها لا تقعد نصف عمرها الا ترى انها لا تقعد حال صغرها واياسها وكذا زمان الطهر يزيد على زمان الحيض عادة فكان المراد ما يقرب من النصف وهو عشرة وكذا ليس من ضرورة انقسام الشهر على الطهر والحيض أن تكون مناصفة إذ قد تكون القسمة مثالثة فيكون ثلث الشهر للحيض وثلثاه للطهر وإذا عرفت مقدار الحيض لابد من معرفة مقدار الطهر الصحيح الذي يقابل الحيض وأقله خمسة عشر يوما عند الا ما روى عن أبي حازم القاضي وأبى عبد الله ان الشهر يشتمل على الحيض والطهر عادة وقد قام الدليل على أن أكثر الحيض عشرة فيبقى من الشهر عشرون الا انا نقصنا يوم لان الشهر قد ينقص بيوم (ولنا) اجماع الصحابة على ما قلنا ونوع من الاعتبار بأقل مدة الإقامة لان لمدة الطهر شبها بمدة الإقامة الا ترى ان المرأة بالطهر تعود إلى ما سقط عنها بالحيض كما أن المسافر بالإقامة يعود إلى ما سقط عنه بالسفر ثم أقل مدة الإقامة خمسة عشر يوما كذا أقل مدة الإقامة خمسة عشر يوما كذا أقل الطهر وما قالاه غير سديد لأن المرأة لا تحيض في الشهر عشرة لا محالة ولو حاضت عشرة لا تطهر عشرين لا محالة بل تحيض ثلاثة وتطهر عشرين وقد تحيض عشرة وتطهر خمسة عشر واما أكثر الطهر فلا غاية له حتى أن المرأة إذا طهرت سنين كثيرة فإنها تعمل ما تعمل الطاهرات بلا خلاف بين الأئمة لأن الطهارة في بنات آدم أصل والحيض عارض فإذا لم يظهر العارض يجب بناء الحكم على الأصل وان طال واختلف أصحابنا فيما وراء ذلك وهو ان أكثر الطهر الذي يصلح لنصب العادة عند الاستمرار كم هو قال أبو عصمة سعد بن معاذ المروزي وأبو حازم القاضي ان الطهر وان طال يصلح لنصب العادة حتى أن المرأة إذا حاضت خمسة وطهرت ستة ثم استمر بها الدم يبنى الاستمرار عليه فتقعد خمسة وتصلى ستة وكذا لو رأت أكثر من ستة وقال محمد بن إبراهيم الميداني وجماعة من أهل بخارى ان أكثر الطهر
(٤٠)