الشروع وقيل لا يلزمه بصفة القيام لان التطوع لم يتناول القيام فلا يلزمه الا بالتنصيص عليه كالتتابع في باب الصوم وقيل يلزمه قائما لان النذر وضع للايجاب فيعتبر ما أوجبه على نفسه بما أوجبه الله عليه مطلقا وهناك يلزمه بصفة القيام الا من عذر كذا هذا وأما الشروع فليس بموضوع للوجوب وإنما جعل موجبا بطريق الضرورة والضرورة في حق الأصل دون الوصف على ما مر ولو افتتح التطوع قاعدا فأدى بعضها قاعدا وبعضها قائما أجزأه لما روى عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح التطوع قاعدا فيقرأ ورده حتى إذا بقي عشر آيات أو نحوها قام فأتم قراءته ثم ركع وسجد وهكذا كان يفعل في الركعة الثانية فقد انتقل من القعود إلي القيام ومن القيام إلى القعود فدل أن ذلك جائز في صلاة التطوع ومنها أنه يجوز التنفل على الدابة مع القدرة على النزول وأداء الفرض على الدابة مع القدرة على النزول لا يجوز لما ذكرنا فيما تقدم ومنها أن القراءة في التطوع في الركعات كلها فرض والمفروض من القراءة في ذوات الأربع من المكتوبات في ركعتين منها فقط حتى لو ترك القراءة في الشفع الأول من الفرض لا يفسد الشفع الثاني بل يقضيها في الشفع الثاني أو يؤديها بخلاف التطوع لما ذكرنا أن كل شفع من التطوع صلاة على حدة وقد روى عن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم موقوفا عليهم ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يصلى بعد صلاة مثلها قال محمد تأويله لا يصلى بعد صلاة مثلها من التطوع على هيئة الفريضة في القراءة أي ركعتان بقراءة وركعتان بغير قراءة أي لا يصلى بعد أربع الفريضة أربعا من التطوع يقرأ في ركعتين ولا يقرأ في ركعتين والنهى عن الفعل أمر بضده فكان هذا أمرا بالقراءة في الركعات كلها في التطوع ولا يحمل على المماثلة في اعداد الركعات لان ذلك غير منهى بالاجماع كالفجر بعد الركعتين والظهر بعد الأربع في حق المقيم والركعتين بعد الظهر في حق المسافر وتأويل أبى يوسف أي لا تعاد الفرائض الفوائت لأنه في بداية الاسلام كانت الفرائض تقضى ثم تعاد من الغد لوقتها فنهى النبي عن ذلك ومصداق هذا التأويل ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها أو استيقظ من الغد لوقتها ثم نسخ هذا الحديث بقوله لا يصلى بعد صلاة مثلها ويمكن حمل الحديث على النهى عن قضاء الفرض بعد أدائه مخافة دخول فساد فيه بحكم الوسوسة وتكون فائدة الحديث على هذا التأويل وجوب دفع الوسوسة والنهى عن اتباعها ويجوز أن يحمل الحديث على النهى عن تكرار الجماعة في مسجد واحد وعلى هذا التأويل يكون الحديث حجة لنا على الشافعي في تلك المسألة والله أعلم ومنها أن القعدة على رأس الركعتين في ذوات الأربع في الفرائض ليست بفرض بلا خلاف حتى لا يفسد بتركها وفى التطوع اختلاف على ما مر ولو قام إلى الثالثة قبل أن يقعد ساهيا في الفرض فان استتم قائما لم يعد وان لم يستتم قائما عاد وقعد وسجد سجدتي السهو وأما في التطوع فقد ذكر محمد أنه إذا نوى أن يتطوع أربع ركعات وقام ولم يستتم قائما أنه يعود ولم يذكر انه إذا استتم قائما هل يعود أم لا قال بعض مشايخنا لا يعود استحسانا لأنه لما نوى الأربع التحق بالظهر وبعضهم قال يعود لان كل شفع صلاة على حدة والأول أوجه ولو كان نوى أن يتطوع بركعتين فقام من الثانية إلى الثالثة قبل أن يقعد فيعود ههنا بلا خلاف بين مشايخنا لان كل شفع بمنزلة صلاة الفجر ومنها أن الجماعة في التطوع ليست بسنة الا في قيام رمضان وفى الفرض واجبة أو سنة مؤكدة لقول النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجده الا المكتوبة وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى ركعتي الفجر في بيته ثم يخرج إلى المسجد ولان الجماعة من شعائر الاسلام وذلك مختص بالفرائض أو الواجبات دون التطوعات وإنما عرفنا الجماعة سنة في التراويح بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم واجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى التراويح في المسجد ليلتين وصلى الناس بصلاته وعمر رضي الله عنه في خلافته استشار الصحابة أن يجمع الناس على قارئ واحد فلم يخالفوه فجمعهم على أبي بن كعب ومنها أن التطوع غير موقت بوقت خاص ولا مقدر بمقدار مخصوص فيجوز في أي وقت كان على أي مقدار كان الا أنه يكره
(٢٩٨)