من المسلم لا بأس بأن يغسله ويكفنه ويتبع جنازته ويدفنه لان الابن ما نهى عن البر بمكان أبيه الكافر بل أمر بمصاحبتهما بالمعروف بقوله تعالى وصاحبهما في الدنيا معروفا ومن البر القيام بغسله ودفنه وتكفينه والأصل فيه ما روى عن علي رضي الله عنه لما مات أبوه أبو طالب جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان عمك الضال قد توفى فقال اذهب وغسله وكفنه وواره ولا تحدثن حدثا حتى تلقاني قال ففعلت ذلك وأتيته فأخبرته فدعا لي بدعوات ما أحب أن يكون لي بها حمر النعم وقال سعيد بن جبير سأل رجل عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما فقال إن امرأتي ماتت نصرانية فقال اغسلها وكفنها وادفنها وعن الحارث بن أبي ربيعة ان أمه ماتت نصرانية فتبع جنازتها في نفر من الصحابة رضى الله تعالى عنهم ثم إنما يقوم ذو الرحم بذلك إذا لم يكن هناك من يقوم به من أهل دينه فإن كان خلى المسلم بينه وبينهم ليصنعوا به ما يصنعون بموتاهم وان مات مسلم وله أب كافر هل يمكن من القيام بتغسيله وتجهيزه لم يذكر في الكتاب وينبغي ان لا يمكن من ذلك بل يغسله المسلمون لان اليهودي لما آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه تولوا أخاكم ولم يخل بينه وبين والده اليهودي ولان غسل الميت شرع كرامة له وليس من الكرامة ان يتولى الكافر غسله ومنها أن يكون عاد لا حتى لا يغسل الباغي إذا قتل ولا يصلى عليه كذا روى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة وهو قول أبى يوسف ومحمد وعند الشافعي يغسل ويصلى عليه وسنذكر المسألة وذكر الفقيه أبو الحسن الرستغفني صاحب الشيخ أبى منصور الماتريدي رحمهما الله تعالى انه يغسل ولا يصلى عليه وفرق بينهما بأن الغسل حقه والصلاة حق الله تعالى فما كان من حقه يؤتى به وما كان من حق الله تعالى لا يؤتى به إهانة له ولهذا يغسل الكافر ولا يصلى عليه ولو اجتمع الموتى المسلمون والكفار ينظر إن كان بالمسلمين علامة يمكن الفصل بها يفصل وعلامة المسلمين أربعة أشياء الختان والخضاب وليس السواد وحلق العانة وان لم يكن بهم علامة ينظر إن كان المسلمون أكثر غسلوا وكفنوا ودفنوا في مقابر المسلمين وصلى عليهم وينوى بالدعاء المسلمين وإن كان الكفار أكثر يغسلوا ولا يصلى عليهم كذا ذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي لان الحكم للغالب وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه إن كانت الغلبة لموتي الكفار لا يصلى عليهم لكن يغسلون ويكفنون ويدفنون في مقابر المشركين ووجهه ان غسل المسلم واجب وغسل الكفار جائز في الجملة فيؤتى بالجائز في الجملة لتحصيل الواجب وأما إذا كانوا على السواء فلا يشكل انهم يغسلون لما ذكرنا ان فيه تحصيل الواجب مع الاتيان بالجائز في الجملة وهذا أولي من ترك الواجب رأسا وهل يصلى عليهم قال بعضهم لا يصلى عليهم لان ترك الصلاة على المسلم أولى من الصلاة على الكافر لان الصلاة على الكفار غير مشروعة أصلا قال الله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا وترك الصلاة على المسلم مشروعة في الجملة كالبغاة وقطاع الطريق فكان الترك أهون وقال بعضهم يصلى عليهم وينوى بالصلاة والدعاء المسلمين لأنهم ان عجزوا عن تعيين العمل للمسلمين لم يعجزوا عن تمييز القصد في الدعاء لهم وأما الدفن فلا رواية فيه في المبسوط وذكر الحاكم الجليل في مختصره انهم يدفنون في مقابر المشركين واختلف المشايخ فيه قال بعضهم يدفنون في مقابر المسلمين وقال بعضهم في مقابر المشركين وقال بعضهم تتخذ لهم مقبرة على حدة وتسوى قبورهم ولا تسنم وهو قول الفقيه أبى جعفر الهندواني وهو أحوط وأصل الاختلاف في كتابية تحت مسلم حبلت ثم ماتت وفى بطنها ولد مسلم لا يصلى عليها بالاجماع لان الصلاة على الكافرة غير مشروعة وما في بطنها لا يستحق الصلاة عليه ولكنها تغسل وتكفن واختلف الصحابة في الدفن قال بعضهم تدفن في مقابر المسلمين ترجيحا لجانب الولد وقال بعضهم في مقابر المشركين لان الولد في حكم جزء منها ما دام في البطن وقال واثلة بن الأسقع يتخذ لها مقبرة على حدة وهذا أحوط ولو وجد ميت أو قتيل في دار الاسلام فإن كان عليه سيما المسلمين يغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين وهذا ظاهر وان لم يكن معه سيما المسلمين ففيه روايتان والصحيح انه يغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين لحصول غلبة الظن بكونه مسلما بدلالة
(٣٠٣)