الأوقات الثلاثة يكره كل تطوع في جميع الا زمان يوم الجمعة وغيره وفى جميع الأماكن بمكة وغيرها وسواء كان تطوعا مبتدأ لا سبب له أو تطوعا له سبب كركعتي الطواف وركعتي تحية المسجد ونحوهما وروى عن أبي يوسف انه لا بأس بالتطوع وقت الزوال يوم الجمعة وقال الشافعي لا بأس بالتطوع في هذه الأوقات بمكة احتج أبو يوسف بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة وقت الزوال الا يوم لجمعة واحتج الشافعي رحمه الله تعالى بما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الصلاة في هذه الأوقات الا بمكة ولنا ما روى عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلى فيها وان نقبر فيها موتانا إذا طلعت الشمس حتى ترتفع وإذا تضيقت للمغيب وعند الزوال وروى عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة وقت الطلوع والغرب قال لان الشمس تطلع وتغرب بين قرني شيطان وروى الصنابحي ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وقال إنها تطلع بين قرني شيطان ان يزينها في عين من يعبدها حتى يسجد لها فإذا ارتفعت فارقها فإذا كانت عند قائم الظهيرة قارنها فإذا مالت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فلا تصلوا في هذه الأوقات فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في هذه الأوقات من غير فصل فهو على العموم والاطلاق ونبه على معنى النهى وهو طلوع الشمس بين قرني الشيطان وذلك لان عبدة الشمس يعبدون الشمس ويسجدون لها عند الطلوع تحية لها وعند الزوال لاستتمام علوها وعند الغروب وداعا لها فيجئ الشيطان فيجعل الشمس بين قرنيه ليقع سجودهم نحو الشمس له فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في هذه الأوقات لئلا يقع التشبه بعبدة الشمس وهذا المعنى يعم المصلين أجمع فقد عم النهى بصيغته ومعناه فلا معنى للتخصيص وما روى من النهى الا بمكة شاذ لا يقبل في معارضة المشهور وكذا رواية استثناء يوم الجمعة غريبة فلا يجوز تخصيص المشهور بها وأما الأوقات التي يكره فيها التطوع لمعنى في غير الوقت فمنها ما بعد طلوع الفجر إلى صلاة الفجر وما بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس وما بعد صلاة العصر إلى مغيب الشمس فلا خلاف في أن قضاء الفرائض والواجبات في هذه الأوقات جائز من غير كراهة ولا خلاف في أن أداء التطوع المبتدأ مكروه فيها وأما التطوع الذي له سبب كركعتي الطواف وركعتي تحية المسجد فمكروه عندنا وعند الشافعي لا يكره واحتج بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا دخل أحدكم المسجد فليحيه بركعتين من غير فصل وروى عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر وعن عمر رضي الله عنه انه صلى صلاة الصبح فسمع صوت حدث ممن خلفه فقال عزمت على من أحدث أن يتوضأ ويعيد صلاته فلم يقم أحد فقال جرير بن عبد الله البجلي يا أمير المؤمنين أرأيت لو توضأنا جميعا واعدنا الصلاة فاستحسن ذلك عمر رضي الله عنه وقال له كنت سيدا في الجاهلية فقيها في الاسلام فقاموا وأعادوا الوضوء والصلاة ولا شك ان تلك الصلاة ممن لم يحدث كانت نافلة والدليل عليه انه لا يكره الفرائض في هذه الأوقات كذا النوافل (ولنا) ما روى عن ابن عباس أنه قال شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تشرق الشمس ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس فهو على العموم الا ما خص بدليل وكذا روى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما انه طاف بعد طلوع الفجر سبعة أشواط ولم يصل حتى خرج إلى ذي طوى وصلى ثمة بعد ما طلعت الشمس وقال ركعتان مكان ركعتين ولو كان أداء ركعتي الطواف بعد طلوع الشمس جائزا من غير كراهة لما أجز لان أداء الصلاة بمكة أفضل خصوصا ركعتا الطواف وأما حديث عائشة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا بذلك دل عليه ما روى أنه قيل لأبي سعيد الخدري ان عائشة تروى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر فقال إنه فعل ما أمر ونحن نفعل ما أمرنا أشار إلى أنه كان مخصوصا بذلك ولا شركة في موضع الخصوص ألا ترى إلى ما روى عن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد العصر فسألته عن ذلك فقال شغلني وفد عن ركعتي الظهر فقضيتهما فقالت ونحن نفعل كذلك فقال لا أشار إلى الخصوصية لأنه كتبت عليه
(٢٩٦)