عن الاستحسان إلى القياس إحداها هذه المسألة والثانية أن الرهن بمهر المثل لا يكون رهنا بالمتعة قياسا وهو قول أبى يوسف الأخير وفى الاستحسان يكون رهنا وهو قول أبى يوسف الأول وهو قول محمد والثانية ان العبد إذا جنى جناية فيما دون النفس فاختار المولى الفداء ثم مات المجني عليه القياس ان يخير المولى ثانيا وهو قول أبى يوسف الأخير وفى الاستحسان لا يخير وهو قول أبى يوسف الأول وهو قول محمد لا يخير وعلى هذا الخلاف إذا صلى على الأرض وقرأ آية السجدة في ركعتين ولا خلاف فيما إذا قرأها في ركعة واحدة وجه الاستحسان وهو قول محمد ان المكان ههنا وان اتحد حقيقة وحكما لكن مع هذا لا يمكن أن يجعل الثانية تكرارا لان لكل ركعة قراءة مستحقة فلو جعلنا الثانية تكرارا للأولى والتحقت القراءة بالركعة الأولى لخلت الثانية عن القراءة ولفسدت وحيث لم تفسد دل انها لم تجعل مكررة بخلاف ما إذا كرر التلاوة في ركعة واحدة لان هناك أمكن جعل التلاوة المتكررة متحدة حكما وجه القياس أن المكان متحد حقيقة وحكما فيوجب كون الثانية تكرارا للأولى كما في سائر المواضع وما ذكره محمد لا يستقيم لان القراءة لها حكمان جواز الصلاة ووجوب سجدة التلاوة ونحن إنما نجعل القراءة الثانية ملتحقة بالأولى في حق وجوب السجدة لا في غيره من الأحكام ولو افتتح الصلاة على الدابة بالايماء فقرأ آية السجدة في الركعة الأولى فسجد بالايماء ثم أعادها في الركعة الثانية فعلى قول أبى يوسف الأخير لا يشكل أنه لا يلزمه أخرى واختلف المشايخ على قوله الأول وهو قول محمد قال بعضهم يلزمه أخرى وقال بعضهم يكفيه سجدة واحدة ثم تبدل المجلس قد يكون حقيقة وقد يكون حكما بان تلا آية السجدة ثم أكل أو نام مضطجعا أو أرضعت صبيا أو أخذ في بيع أو شراء أو نكاح أو عمل يعرف أنه قطع لما كان قبل ذلك ثم أعادها فعليه سجدة أخرى لان المجلس يتبدل بهذه الاعمال الا ترى أن القوم يجلسون لدرس العلم فيكون مجلسهم مجلس الدرس ثم يشتغلون بالنكاح فيصير مجلسهم مجلس النكاح ثم بالبيع فيصير مجلسهم مجلس البيع ثم بالاكل فيصير مجلسهم مجلس الاكل ثم بالقتال فيصير مجلسهم مجلس القتال فصار تبدل المجلس بهذه الاعمال كتبدله بالذهاب والرجوع لما مر ولو نام قاعدا أو أكل لقمة أو شرب شربة أو تكلم بكلمة أو عمل عملا يسيرا ثم أعادها فليس عليه أخرى لان بهذا القدر لا يتبدل المجلس والقياس فيهما سواء أنه لا يلزمه أخرى لاتحاد المكان حقيقة الا انا استحسنا إذا طال العمل اعتبارا بالمخيرة إذا عملت عملا كثيرا خرج الامر عن يدها وكان قطعا للمجلس بخلاف ما إذا أكل لقمة أو شرب شربة ولو قرأ آية السجدة فأطال القراءة بعدها أو أطال الجلوس ثم أعادها ليس عليه سجدة أخرى لان مجلسه لم يتبدل بقراءة القرآن وطول الجلوس وكذا لو اشتغل بالتسبيح أو بالتهليل ثم أعادها لا يلزمه أخرى وان قرأها وهو جالس ثم قام فقرأها وهو قائم الا أنه في مكانه ذلك يكفيه سجدة واحدة لان المجلس لم يتبدل حقيقة وحكما أما الحقيقة فلانه لم يبرح مكانه وأما الحكم فلان الموجود قيام وهو عمل قليل كأكل لقمة أو شرب شربة وبمثله لا يتبدل المجلس وهذا بخلاف ما إذا خير امرأته فقامت من مجلسها حيث خرج الامر من يدها كما لو انتقلت إلى مجلس آخر لان خروج الامر من يدها موجب الاعراض عن قبول التمليك إذ التخيير تمليك على ما يعرف في كتاب الطلاق ومن ملك شيئا فاعرض عنه يبطل ذلك التمليك وهذا لان القيام دليل الاعراض لان اختيارها نفسها أو زوجها أمر تحتاج فيه إلى الرأس والتدبير لتنظر أي ذلك أعود لها وأنفع والقعود أجمع للذهن وأشد احضارا للرأس فالقيام من هذه الحالة إلى ما يوجب تفرق الذهن وفوات الرأي دليل الاعراض اما ههنا فالحكم يختلف باتحاد المجلس وتعدده لا بالاعراض وعدمه والمجلس لم يتبدل فلم يعد متعددا متفرقا وكذلك لو قرأها وهو قائم فقعد ثم أعادها يكفيه سجدة واحدة لما قلنا ولو قرأها في مكان ثم قام وركب الدابة على مكانه ثم أعادها قبل أن يسير فعليه سجدة واحدة على الأرض ولو سارت الدابة ثم تلاها بعدها فعليه سجدتان وكذلك إذا قرأها راكبا ثم نزل قبل السير فأعادها يكفيه سجدة واحدة استحسانا وفى القياس عليه سجدتان لتبدل مكانه بالنزول أو الركوب وجه الاستحسان أن النزول أو الركوب عمل قليل فلا يوجب تبدل المجلس وإن كان سار ثم نزل فعليه سجدتان لان سير الدابة بمنزلة مشيه فيتبدل به المجلس وكذلك لو قرأها ثم قام في مكانه ذلك وركب ثم نزل
(١٨٣)