القاتل صبيا أو مجنونا لأن الكفارة من باب الضمان، فتجب في مالهما فيعتق الولي عنهما من مالهما ولا يصوم عنهما بحال. فإن صام الصبي المميز أجزأه ولا يشترط في وجوبها أيضا الحرية بل تجب.
وإن كان القاتل عبدا كما يتعلق بقتله القصاص والضمان لكن يكفر بالصوم لعدم ملكه ولا يشترط في وجوبها المباشرة بل تجب وإن كان القاتل كالمكره متسببا بكسر الراء وشاهد الزور وحافر بئر عدوانا.
تنبيه: دخل في قول المصنف النفس المحرمة المسلم ولو كان بدار الحرب والذمي والمستأمن والجنين المضمون بالغرة وعبد الشخص نفسه ونفسه لأنه قتل نفسا معصومة، وخرج بذلك قتل المرأة والصبي الحربيين فلا كفارة في قتلهما وإن كان حراما. لأن المنع من قتلهما ليس لحرمتهما بل لمصلحة المسلمين، لئلا يفوتهم الارتفاق بهما. وقتل مباح الدم كقتل باغ وصائل، لأنهما لا يضمنان، فأشبها الحربي ومرتد وزان محصن بالنسبة لغير المساوي والحربي ولو قتله مثله ومقتص منه يقتل المستحق له لأنه مباح الدم بالنسبة إليه وعلى كل من الشركاء في القتل كفارة في الأصح المنصوص لأنه حق يتعلق بالقتل فلا يتبعض كالقصاص. والكفارة. (عتق رقبة) مؤمنة بالاجماع المستند إلى قوله تعالى: * ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) * [/ اي (سليمة من العيوب المضرة بالعمل) إضرارا بينا كاملة الرق خالية عن عوض كما تقدم بيان ذلك، مبسوطا في الظهار فهي ككفارة الظهار في الترتيب فيعتق أولا (فإن لم يجد) رقبة بشروطها أو وجدها وعجز عن ثمنها أو وجدها وهي تباع بأكثر من ثمن مثلها (فصيام شهرين متتابعين) على ما تقدم بيانه في الظهار.
تنبيه: قضية اقتصاره على ما ذكره أنه لا إطعام هنا عند العجز عن الصوم وهو كذلك على الأظهر اقتصارا على الوارد فيها إذ المتبع في الكفارات النص لا القياس ولم يذكر الله تعالى في كفارة القتل غير العتق والصيام. فإن قيل لم لا يحمل المطلق على المقيد في الظهار كما فعلوا في قيد الايمان حيث اعتبروه ثم حملا على المقيد هنا. أجيب: بأن ذاك إلحاق في وصف وهذا إلحاق في أصل وأحد الأصلين لا يلحق بالآخر، بدليل أن اليد المطلقة في التيمم حملت على المقيدة بالمرافق في الوضوء، ولم يحمل إهمال الرأس والرجلين في التيمم على ذكرهما في الوضوء. وعلى هذا لو مات قبل الصوم أطعم من تركته كفائت صوم رمضان.
خاتمة: لا كفارة على من أصاب غيره بالعين واعترف أنه قتله بها وإن كانت العين حقا، لأن ذلك لا يفضي إلى القتل غالبا ولا يعد مهلكا، ويندب للعائن أن يدعو بالبركة فيقول: اللهم بارك فيه ولا تضره. وأن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. قيل: وينبغي للسلطان أن يمنع من عرف بذلك من مخالطة الناس ويأمره بلزوم بيته ويرزقه ما يكفيه إن كان فقيرا، فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم.
الذي منعه عمر رضي الله تعالى عنه من مخالطة الناس. وذكر القاضي حسين أن نبيا من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام استكثر قومه ذات يوم فأمات الله منهم مائة ألف في ليلة واحدة، فلما أصبح اشتكى ذلك إلى الله تعالى فقال الله تعالى: إنك استكثرتهم فعنتهم فهلا حصنتهم حين استكثرتهم فقال:
يا رب كيف أحصنهم فقال تعالى: تقول: حصنتكم بالحي القيوم الذي لا يموت أبدا ودفعت عنكم السوء بألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ب 1>. قال القاضي: وهكذا السنة في الرجل إذا رأى نفسه سليمة وأحواله معتدلة يقول: في نفسه ذلك وكان القاضي يحصن تلامذته بذلك إذا استكثرهم، وسكتوا عن القتل بالحال. وأفتى بعض المتأخرين بأنه يقتل إذا قتل به لأن له فيه اختيارا كالساحر،