الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ١٠٩
ولي القصاص للجاني طلق زوجتك وإلا اقتصصت منك لم يكن إكراها. ويحصل الاكراه بتخويف بضرب شديد أو حبس طويل أو إتلاف مال أو نحو ذلك مما يؤثر العاقل لأجله الاقدام على ما أكره عليه. ويختلف الاكراه باختلاف الاشخاص والأسباب المكره عليها فقد، يكون الشئ إكراها في شخص دون آخر وفي سبب دون آخر، فالاكراه بإتلاف مال لا يضيق على المكره بفتح الراء كخمسة دراهم في حق الموسر ليس بإكراه على الطلاق لأن الانسان يتحمله ولا يطلق بخلاف المال الذي يضيق عليه، والحبس في الوجيه إكراه وإن قل كما قاله الأذرعي، والضرب اليسير في أهل المروءات إكراه. وخرج بقيد طلاق زوجته فيما تقدم ما إذا أكرهه على طلاق زوجة نفسه بأن قال له طلق زوجتي وإلا قتلتك فطلقها وقع على الصحيح لأنه أبلغ في الاذن كما قاله في الروضة.
تتمة: لو قال لزوجته إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا فطلقها طلقة أو أكثر وقع المنجز فقط ولا يقع معه المعلق لزيادته على المملوك، وقيل: لا يقع شئ لأنه لو وقع المنجز لوقع المعلق قبله بحكم التعليق، ولو وقع المعلق لم يقع المنجز، وإذا لم يقع المنجز لم يقع المعلق، وهذه المسألة تسمى السريجية منسوبة لابن سريج وجرى عليها كثير من الأصحاب، والأول هو ما صححه الشيخان وهو المعتمد.
وقال الشيخ عز الدين: لا يجوز التقليد في عدم الوقوع، وقال ابن الصباغ: وددت لو محيت هذه المسألة وابن سريج برئ مما نسب إليه فيها. ولو علق الطلاق بمستحيل عرفا كصعود السماء والطيران أو عقلا كالجمع بين الضدين أو شرعا كنسخ صوم رمضان لم تطلق لأنه لم ينجز الطلاق، وإنما علقه على صفة لم توجد. واليمين فيما ذكر منعقدة حتى يحنث بها المعلق على الحلف. ولو قال لزوجته إن كلمت زيدا فأنت طالق فكلمت حائطا مثلا وهو يسمع لم يحنث في أصح الوجهين لأنها لم تكلمه. ولو قال لها إن كلمت رجلا فأنت طالق فكلمت أباها أو أحدا من محارمها طلقت لوجود الصفة، فإن قال: قصدت منعها من مكالمة الأجانب قبل منه لأنه الظاهر. وفروع الطلاق لا تنحصر، وفي هذا القدر كفاية لمن وفقه الله لهذا المختصر الذي عم نفعه في الوجود ونفع الله تعالى به ورحم مؤلفه وشارحيه. آمين.
فصل: في الرجعة بفتح الراء أفصح من كسرها عند الجوهري والكسر أكثر عند الأزهري.
وهي لغة: المرة من الرجوع، وشرعا: رد المرأة إلى النكاح من طلاق غير بائن في العدة على وجه مخصوص كما يؤخذ مما سيأتي. والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: * (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) * أي في العدة * (إن أرادوا إصلاحا) * أي رجعة كما قاله الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، وقوله (ص): أتاني جبريل فقال راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة. أركان الرجعة أركانها ثلاثة: محل وصيغة ومرتجع. وأما الطلاق فهو سبب لا ركن، وبدأ المصنف بشروط الركن الأول وهو محل بقوله: (وشروط) صحة (الرجعة أربعة) وترك خامسا وسادسا كما ستعرفه: الأول (أن يكون الطلاق دون الثلاث) في الحر ودون اثنين في الرقيق،
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302