وعليا إلى البصرة وليكن تغريبه إلى بلد معين فلا يرسله الإمام إرسالا. وإذا عين له الإمام جهة فليس للمغرب أن يختار غيرها، لأن ذلك أليق بالزجر. ومعاملة له بنقيض قصده.
تنبيه: لو غرب إلى بلد معين فهل يمنع من الانتقال إلى بلد آخر؟ وجهان: أصحهما كما في أصل الروضة لا يمنع لأنه امتثل والمنع من الانتقال لم يدل عليه دليل. ويجوز أن يحمل معه جارية يتسرى بها مع نفقة يحتاجها وكذا مال يتجر فيه. كما قاله الماوردي وليس له أن يحمل معه أهله وعشيرته، فإن خرجوا معه لم يمنعوا ولا يعقل في الموضع الذي غرب إليه لكن يحفظ بالمراقبة والتوكيل به لئلا يرجع إلى بلده أو إلى ما دون مسافة القصر منها لا لئلا ينتقل إلى بلد آخر، لما مر من أنه لو انتقل إلى بلد آخر لم يمنع، ولو عاد إلى بلده الذي غرب منها أو إلى ما دون مسافة القصر منه رد واستؤنفت المدة على الأصح إذ لا يجوز تفريق سنة التغريب في الحر ولا نصفها في غيره لأن الايحاش لا يحصل معه.
وقضية هذا: أنه لا يتعين للتغريب، البلد الذي غرب إليه وهو كذلك، ويغرب زان غريب له بلد من بلد الزنا تنكيلا وإبعادا عن موضع الفاحشة إلى غير بلده، لأن القصد إيحاشه وعقوبته وعوده إلى وطنه يأباه. ويشترط أن يكون بينه وبين بلده مسافة القصر فما فوقها ليحصل ما ذكر فإن عاد إلى بلده الأصلي منع منه معارضة له بنقيض قصده. القول في شروط الاحصان ثم شرع في شروط الاحصان في الزنا فقال: (وشرائط الاحصان أربعة) الأول (البلوغ و) الثاني (العقل) فلا حصانة لصبي ومجنون لعدم الحد عليهما، لكن يؤدبان بما يزجرهما كما قاله في الروضة.
تنبيه: ما ذكره من اعتبار التكليف ولو عبر به لكان أخصر في الاحصان صحيح. إلا أن هذا الوصف لا يختص بالاحصان بل هو شرط لوجوب الحد مطلقا كما مرت الإشارة إليه. والمتعدي بسكره كالمكلف. (و) الثالث (الحرية). فالرقيق: ليس بمحصن، ولو مكاتبا ومبعضا ومستولدة، لأنه على النصف من الحر والرجم لا نصف له ولو كان ذميا أو مرتدا لأنه (ص) رجم اليهوديين كما ثبت في الصحيحين زاد أبو داود: وكانا قد أحصنا.
تنبيه: عقد الذمة شرط لإقامة الحد على الذمي لا لكونه محصنا، فلو غيب حربي حشفته في نكاح وصححنا أنكحة الكفار وهو الأصح، فهو محصن حتى لو عقدت له ذمة فزنى رجم ومثل الذمي المرتد وخرج به المستأمن فإنا لا نقيم عليه حد الزنا على المشهور. (و) الرابع (وجود الوطئ) بغيبوبة الحشفة أو قدرها عند فقدها من مكلف بقبل ولو لم تزل البكارة كما مر. (في نكاح صحيح) لأن الشهوة مركبة في النفوس فإذا وطئ في نكاح صحيح ولو كانت الموطوءة في عدة وطئ شبهة أو وطئها في نهار رمضان أو في حيض أو إحرام فقد استوفاها. فحقه أن يمتنع من الحرام ولأنه يكمل طريق الحل بدفع البينونة