به محفوظا عليه كما غلظت الدية فيه. وخرج بحرم مكة حرم المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فإنه ليس كحرم مكة بل هي كسائر البلاد كما اقتضاه كلام الجمهور، وليست لقطة عرفة ومصلى إبراهيم كلقطة الحرم.
(فصل: في اللقيط) ويسمى ملقوطا ومنبوذا ودعيا. والأصل فيه مع ما يأتي قوله تعالى: * (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) * قوله تعالى: * (وتعاونوا على البر والتقوى) *. القول في أركان الالتقاط وأركان اللقيط الشرعي: لقط ولقيط ولاقط. ثم شرع في الركن الأول وهو اللقط بقوله: (وإذا وجد لقيط) أي ملقوط (بقارعة الطريق) أي طريق البلد وغيره (فأخذه وتربيته) وهي تولية أمر الطفل بما يصلحه (وكفالته) والمراد بها هنا كما في الروضة حفظه وتربيته (واجبة) أي فرض (على الكفاية) لقوله تعالى: * (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) * ولأنه آدمي محترم، فوجب حفظه كالمضطر إلى طعام غيره. وفارق اللقطة حيث لا يجب لقطها بأن المغلب فيها الاكتساب والنفس تميل إليه، فاستغني بذلك عن الوجوب كالنكاح والوطئ فيه ويجب الاشهاد على اللقيط وإن كان اللاقط ظاهر العدالة خوفا من أن يسترقه، وفارق الاشهاد على لقط اللقطة بأن الغرض منها المال، والاشهاد في التصرف المالي مستحب، ومن اللقيط حفظ حريته ونسبه، فوجب الاشهاد كما في النكاح وبأن اللقطة يشيع أمرها بالتعريف ولا تعريف في اللقيط. ويجب الاشهاد أيضا على ما معه تبعا ولئلا يتملكه، فلو ترك الاشهاد لم تثبت له ولاية الحفظ وجاز نزعه منه قاله في الوسيط. وإنما يجب الاشهاد فيما ذكر على لاقط بنفسه، أما من سلمه له الحاكم فالاشهاد مستحب، قاله الماوردي وغيره. واللقيط وهو الركن الثاني صغير أو مجنون منبوذ لا كافل له معلوم ولو مميزا لحاجته إلى التعهد. ثم شرع في الركن الثالث وهو اللاقط بقوله: (ولا يقر) بالبناء للمفعول أي لا يترك اللقيط (إلا في يد أمين) وهو الحر الرشيد العدل ولو مستورا فلو لقطه غيره ممن به رق ولو مكاتبا أو كفر أو صبا أو جنون أو فسق لم يصح، فينزع اللقيط منه لأن حق الحضانة ولاية وليس من أهلها، لكن لكافر لقط كافر لما بينهما من الموالاة، فإن أذن لرقيقه غير المكاتب في لقطه أو أقره عليه فهو اللاقط ورقيقه نائب عنه في الاخذ والتربية إذ يده كيده بخلاف المكاتب لاستقلاله، فلا يكون السيد هو اللاقط بل ولا هو أيضا كما علم مما مر فإن قال له السيد: التقط لي فالسيد هو اللاقط والمبعض كالرقيق، ولو ازدحم اثنان أهلان للقط على لقيط قبل أخذه بأن قال كل منهما: أنا آخذه عين الحاكم من يراه ولو من غيرهما أو بعد أخذه قدم سابق لسبقه، وإن لقطاه معا قدم غني على فقير لأنه قد يواسيه ببعض ماله، وعدل باطنا على مستور احتياطا للقيط، فإن استويا أقرع بينهما. وللاقط نقله من بادية القرية ومنهما لبلد لأنه أرفق به لا نقله من قرية لبادية أو من بلد لقرية أو بادية لخشونة عيشهما وفوات العلم بالدين والصنعة فيهما. نعم لو نقله من بلد أو من قرية لبادية قريبة يسهل المراد منها، جاز على النص. وقول الجمهور: وله نقله من بادية وقرية وبلد لمثله. فصل: في المال الموجود مع اللقيط