الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٢ - الصفحة ٤١
به محفوظا عليه كما غلظت الدية فيه. وخرج بحرم مكة حرم المدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فإنه ليس كحرم مكة بل هي كسائر البلاد كما اقتضاه كلام الجمهور، وليست لقطة عرفة ومصلى إبراهيم كلقطة الحرم.
(فصل: في اللقيط) ويسمى ملقوطا ومنبوذا ودعيا. والأصل فيه مع ما يأتي قوله تعالى: * (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) * قوله تعالى: * (وتعاونوا على البر والتقوى) *. القول في أركان الالتقاط وأركان اللقيط الشرعي: لقط ولقيط ولاقط. ثم شرع في الركن الأول وهو اللقط بقوله: (وإذا وجد لقيط) أي ملقوط (بقارعة الطريق) أي طريق البلد وغيره (فأخذه وتربيته) وهي تولية أمر الطفل بما يصلحه (وكفالته) والمراد بها هنا كما في الروضة حفظه وتربيته (واجبة) أي فرض (على الكفاية) لقوله تعالى: * (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) * ولأنه آدمي محترم، فوجب حفظه كالمضطر إلى طعام غيره. وفارق اللقطة حيث لا يجب لقطها بأن المغلب فيها الاكتساب والنفس تميل إليه، فاستغني بذلك عن الوجوب كالنكاح والوطئ فيه ويجب الاشهاد على اللقيط وإن كان اللاقط ظاهر العدالة خوفا من أن يسترقه، وفارق الاشهاد على لقط اللقطة بأن الغرض منها المال، والاشهاد في التصرف المالي مستحب، ومن اللقيط حفظ حريته ونسبه، فوجب الاشهاد كما في النكاح وبأن اللقطة يشيع أمرها بالتعريف ولا تعريف في اللقيط. ويجب الاشهاد أيضا على ما معه تبعا ولئلا يتملكه، فلو ترك الاشهاد لم تثبت له ولاية الحفظ وجاز نزعه منه قاله في الوسيط. وإنما يجب الاشهاد فيما ذكر على لاقط بنفسه، أما من سلمه له الحاكم فالاشهاد مستحب، قاله الماوردي وغيره. واللقيط وهو الركن الثاني صغير أو مجنون منبوذ لا كافل له معلوم ولو مميزا لحاجته إلى التعهد. ثم شرع في الركن الثالث وهو اللاقط بقوله: (ولا يقر) بالبناء للمفعول أي لا يترك اللقيط (إلا في يد أمين) وهو الحر الرشيد العدل ولو مستورا فلو لقطه غيره ممن به رق ولو مكاتبا أو كفر أو صبا أو جنون أو فسق لم يصح، فينزع اللقيط منه لأن حق الحضانة ولاية وليس من أهلها، لكن لكافر لقط كافر لما بينهما من الموالاة، فإن أذن لرقيقه غير المكاتب في لقطه أو أقره عليه فهو اللاقط ورقيقه نائب عنه في الاخذ والتربية إذ يده كيده بخلاف المكاتب لاستقلاله، فلا يكون السيد هو اللاقط بل ولا هو أيضا كما علم مما مر فإن قال له السيد: التقط لي فالسيد هو اللاقط والمبعض كالرقيق، ولو ازدحم اثنان أهلان للقط على لقيط قبل أخذه بأن قال كل منهما: أنا آخذه عين الحاكم من يراه ولو من غيرهما أو بعد أخذه قدم سابق لسبقه، وإن لقطاه معا قدم غني على فقير لأنه قد يواسيه ببعض ماله، وعدل باطنا على مستور احتياطا للقيط، فإن استويا أقرع بينهما. وللاقط نقله من بادية القرية ومنهما لبلد لأنه أرفق به لا نقله من قرية لبادية أو من بلد لقرية أو بادية لخشونة عيشهما وفوات العلم بالدين والصنعة فيهما. نعم لو نقله من بلد أو من قرية لبادية قريبة يسهل المراد منها، جاز على النص. وقول الجمهور: وله نقله من بادية وقرية وبلد لمثله. فصل: في المال الموجود مع اللقيط
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الشفعة 2
2 فصل في القراض 7
3 فصل في المساقاة 11
4 فصل في الإجارة 14
5 فصل في الجعالة 20
6 فصل في المزارعة والمخابرة وكراء الأرض 22
7 فصل في إحياء الموات 23
8 فصل في الوقف 26
9 فصل في الهبة 31
10 فصل في اللقطة 35
11 فصل في أقسام اللقطة 39
12 فصل في اللقيط 41
13 فصل في الوديعة 42
14 كتاب بيان أحكام الفرائض والوصايا 46
15 فصل في الوصية الشاملة للايصاء 56
16 كتاب النكاح 63
17 فصل في أركان النكاح 71
18 فصل في بيان الأولياء 74
19 فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه 79
20 فصل في الصداق 84
21 فصل في القسم والنشوز 91
22 فصل في الخلع 96
23 فصل في الطلاق 99
24 فصل في الطلاق السني وغيره 102
25 فصل فيما يملكه الزوج من الطلقات وفي الاستثناء والتعليق والمحل القابل للطلاق وشروط المطلق 105
26 فصل في الرجعة 109
27 فصل في بيان ما يتوقف عليه حل المطلقة 110
28 فصل في الايلاء 112
29 فصل في الظهار 116
30 فصل في اللعان 120
31 فصل في العدد 125
32 فصل في فيما يجب للمعتدة وعليها الخ 130
33 فصل في الاستبراء 133
34 فصل في الرضاع 136
35 فصل في نفقة القريب والرقيق والبهائم 139
36 فصل في النفقة 142
37 فصل في الحضانة 148
38 كتاب الجنايات 152
39 فصل في الدية 160
40 فصل في القسامة 172
41 كتاب الحدود 177
42 فصل في حد القدف 183
43 فصل في حد شارب المسكر من خمر وغيره 186
44 فصل في حد السرقة الواجب بالنص والإجماع 189
45 فصل في قاطع الطريق 196
46 فصل في حكم الصيال وما تتلفه البهائم 199
47 فصل في قتال البغاة 202
48 فصل في الردة 205
49 فصل في تارك الصلاة 207
50 كتاب أحكام الجهاد 210
51 فصل في قسم الغنيمة 216
52 فصل في قسم الفئ 220
53 فصل في الجزية 222
54 كتاب الصيد والذبائح 228
55 فصل في الأطعمة 233
56 فصل في الأضحية 239
57 فصل في العقيقة 244
58 كتاب السبق والرمي 246
59 كتاب الايمان والنذور 250
60 فصل في النذور 256
61 كتاب الأقضية والشهادات 260
62 فصل في القسمة 271
63 فصل في الدعوى والبينات 274
64 فصل في الشهادات 279
65 فصل والحقوق ضربان حق الله تعالى وحق الآدمي 282
66 كتاب العتق 288
67 فصل في الولاء 293
68 فصل في التدبير 295
69 فصل في الكتابة 298
70 فصل في أمهات الأولاد 302