شهادة (دافع عنها) أي عن نفسه (ضررا) كشهادة عاقلة بفسق شهود قتل يحملونه من خطأ أو شبه عمد وشهادة غرماء مفلس بفسق شهود دين آخر ظهر عليه لأنهم يدفعون بها ضرر المزاحمة.
تتمة: لا تقبل شهادة مغفل لا يضبط أصلا ولا غالبا لعدم الوثوق بقوله: أما من لا يضبط نادرا والأغلب فيه الحفظ والضبط فتقبل شهادته قطعا لأن أحدا لا يسلم من ذلك ومن تعادل غلطه وضبطه فالظاهر أنه كمن غلب غلطه ولا شهادة مبادر بشهادته قبل أن يستشهد للتهمة ولخبر الصحيحين أن النبي (ص) قال: خير القرون قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثم يجئ قوم يشهدون ولا يستشهدون فإن ذلك في مقام الذم لهم وأما خبر مسلم: ألا أخبركم بخير الشهود الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها فمحمول على شهادة الحسبة. وهي مأخوذة من الاحتساب وهو طلب الاجر فتقبل سواء أسبقها دعوى أم لا وسواء أكانت في غيبة المشهود عليه أم لا، وهي كغيرها من الشهادات في شروطها السابقة في حقوق الله تعالى المتمحضة كصلاة وزكاة وصوم بأن يشهد بتركها وفيما لله تعالى فيه حق مؤكد كطلاق وعتق وعفو عن قصاص وبقاء عدة وانقضائها وحد لله تعالى بأن يشهد بموجب ذلك والمستحب ستره إذا رأى المصلحة فيه وإحصان وتعديل وكفارة وبلوغ وكفر وإسلام وتحريم مصاهرة، وثبوت نسب ووصية. ووقف إذا عمت جهتهما ولو أخرت الجهة العامة فيدخل نحو ما أفتى به البغوي من أنه لو وقف دارا على أولاده ثم الفقراء فاستولى عليها ورثته وتملكوها فشهد شاهدان حسبة قبل انقراض أولاده بوقفيتها قبلت شهادتهما لأن آخره وقف على الفقراء لا إن خصت جهتهما فلا تقبل شهادتهما لتعلقهما بحقوق خاصة. وخرج بحقوق الله تعالى حقوق الآدميين كالقصاص وحد القذف والبيوع والأقارير لكن إذا لم يعلم صاحب الحق به أعلمه الشاهد به ليستشهده بعد الدعوى. وإنما تسمع شهادة الحسبة عند الحاجة إليها فلو شهد اثنان أن فلانا أعتق عبده أو أنه أخو فلانة من الرضاع لم يكف حتى يقولا إنه يسترقه أو أنه يريد نكاحها، وكيفية شهادة الحسبة أن الشهود يجيئون إلى القاضي ويقولون نحن نشهد على فلان بكذا فأحضره لنشهد عليه فإن ابتدأوا وقالوا: فلان زنى، فهم قذفة. وما تقبل فيه شهادة الحسبة هل تسمع فيه دعواها وجهان؟ أوجههما كما جرى عليه ابن المقري تبعا للأسنوي ونسبه الإمام للعراقيين لا تسمع لأنه لا حق للمدعي في المشهود به ومن له الحق لم يأذن في الطلب والاثبات بل أمر فيه الاعراض والدفع ما أمكن. والوجه الثاني ورجحه البلقيني أنها تسمع ويجب حمله على غير حدود الله تعالى. ولذا فصل بعض المتأخرين فقال: إنها تسمع في محض حدود الله تعالى.
كتاب العتق بمعنى الاعتاق، وهو لغة مأخوذ من قولهم عتق الفرس إذا سبق وعتق الفرخ إذا طار واستقل